باتت ليلى العامرية عشيقة قيس بن الملوح، ولبنى بنت حباب عشيقة قيس بن ذريح، محل خلط بين الأدباء ورواة الشعر، كما ظل الخلط بين «القيسين» متواتر في عدد من المقالات والروايات الأدبية والتاريخية، إذ تشابهت الروايات والمنقولات من الشعر والقصص بين قيس بن الملوح «قيس ليلى» وقيس بن ذريح «قيس لبنى»، وعلى الرغم من أن الاثنين عاصرا القرن الهجري الأول بل أدرك كل منهما الآخر -وإن لم يلتقيا- إلا أن معظم القصص والأخبار المنقولة عن الاثنين تكاد تتطابق مع بعضها لا سيما وهما جميعاً كانا يعيشان وسط جزيرة العرب، إلا أن الرواة وإن كانوا مختلفين حول حقيقة مجنون بني عامر «قيس ليلى» فإنهم متفقون على حقيقة شخصية قيس بن ذريح «قيس لبنى»، بل إن الروايات تتعدى ذلك لتنقل لنا أن الحسين بن علي (عليهما رضوان الله) كان شفيع قيس بن ذريح في زواجه من لبنى، بل تنقل لنا الروايات المتواترة كيف استقبل والد لبنى وأعيان قبيلته الحسين بن علي (رضي الله عنهما) بكل رحابة وبشاشة وضيافة، وكيف قبلوا وساطته في ابن ذريح مع كونه من قبيلة أخرى، وهنا يكمن الفارق الأبرز بين القيسين، فابن الملوح هام على وجهه في الأرض ومات ولم ينل حظوة زواجه من معشوقته، التي طالما أقضت مضجعه وأدمعت عينه وجاشت بمشاعره ووجدانه فسطر فيها أروع القصائد وأجمل الأشعار، في حين حظي ابن ذريح بزواجه بلبنى لمدة عشر سنوات، ولكنه طلقها بعد ضغوط من والديه لكونها لم تنجب له وهو وحيد أمه وأبيه. كان قيس بن الملوح وعشيقته ليلى العامرية أبناء عمومة لكونهما من قبائل بني عامر، إذ إن قيس من بني جعدة وليلى من بني كعب، وكلاهما من بني عامر من هوازن القيسية، إلا أن هذا لم يشفع لهما في الزواج بسبب تعنت والد ليلى الذي رفض كما تشير الروايات تزويج ابنته من رجل شهّر بها في قصائده مما قد يجعله وابنته أحدوثة بين أحياء العرب. هذا إذا علمنا أيضاً أن ابن ذريح كان من بني كنانة وكانت لبنى من بني عذرة، وإن كان الخلط بين «القيسين» قد تجاوز الأشخاص وأسماءهم إلى ما روي عنهم من الأشعار والقصائد والقصص والمنقولات، فقد عبر ابن ذريح عن أمنيته برؤية لبنى ومشاهدتها، بقوله: وإني لأهوى النوم في غير حينه لعل لقاء بالمنام يكون تحدثني الليالي بأني رأيتكم فيا ليت أحلام المنام يقين في حين عبر قيس بن الملوّح -في السياق ذاته- عن أمنيته لقاء ليلى في قصيدته «المؤنسة»، بقوله: وإني لأستغشي وما بي نعسة لعل خيالاً منكِ يلاقي خياليا كما روي أن ابن ذريح قبّل أثر قدم بعير لبنى الذي نقلها إلى أهلها بعد طلاقه البائن لها، وهو يقول: وما قبّلت أرضكم ولكن أقبل أثر من وطئ الترابا لقد لاقيت من كلفي بلبنى بلاء ما أسيغ له شرابا إذا نادى المنادي باسم لبنى عييت فما أطيق له جوابا وقريب من هذا التصوير يقبل ابن الملّوح «جدران» منازل ليلى ويصيح معبراً عما يعانيه من لواهب الشوق ولهيب والغرام، قائلاً: أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا تشابه ابن ذريح وابن الملوح في زمنيهما واسميهما وقصائدهما، واختلفا في مصير كلٍ منهما، حيث ظفر الأول بمعشوقته رغم أنها ليست من قبيلته، في حين عجز الثاني أن يحظى بابنة عمه، لكنهما توفيا وهما يتشببان بعشقهما القديم ويتغنيان بليلى ولبنى.