مع استمرار التوتر بين الصينوتايوان والمخاوف من إقدام الصين على غزو الجزيرة التي تعتبرها مقاطعة منشقة سعيا لضمها إلى البر الصيني، وفي ظل رفض التايوانيين للعودة إلى الصين، تبرز الحاجة إلى قيام الولاياتالمتحدة بدعم تايوان دون التورط في حرب فعلية لن تكون في مصلحة أي من الأطراف المعنية. وقال سكوت ماكدونالد، الباحث غير المقيم في مركز آسيا والمحيط الهادئ للدراسات الأمنية في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إنه قبل عدة سنوات، قررت قيادة الحزب الشيوعي الصيني أن الولاياتالمتحدة وقيادتها للمجتمع الدولي تمثل تهديدا لبقائها. ولذلك، تسعى بكين إلى إزاحة الولاياتالمتحدة وتقوم بتنفيذ حملة بهدف التقويض المنهجي لقوة الولاياتالمتحدة و ونفوذها. وفي هذا السياق، فإن أي محاولة لتغيير وضع تايوان بالقوة، وهي شريك لواشنطن، تبدو معركة مهمة للتفوق والسيادة في المحيط الهادئ. ومع ذلك وحتى إذا اعتبر المرء أن التفوق والسيادة مهمين، فليس من مصلحة الولاياتالمتحدة أن تدافع عسكريا عن تايوان. وفي الواقع، غزو تايوان سيكون تحولا تكتيكيا واستراتيجيا، سيدمر أي قوة عظمى تنضم إلى المعركة، بما في ذلك، جمهورية الصين الشعبية. وقال ماكدونالد إنه بالنسبة لشخص لديه العديد من المعارف الشخصيين والمهنيين، في تايوان، لم يكن التوصل إلى هذا الاستنتاج أمرا سهلا، إلا أن استخدام الجيش الأمريكي يجب أن يكون بناء على هدف موازنة المصالح الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، لا يجب وضع هذا الاستنتاج لتقليل خطر الغزو بالنسبة للتايوانيين. فقد حكمت دولة تايوان المستقلة نفسها ككيان مستقل منذ عام 1949، بغض النظر على إعلان الولاياتالمتحدةوالصين عكس ذلك. لقد بنى شعبها اقتصادا قويا وحياة مدنية نشطة. وسيتسبب أي غزو في ضرر بالغ لكل منهما، على الرغم من أن الغزو سيفشل على الأرجح على المدى الطويل. واعتبر ماكدونالد المتخصص في الشأن الصيني في مشاة البحرية الأمريكية سابقا أن أي نصر للصين سيكون وهميا، حيث ستجد الصين نفسها قوة محتلة تحاول السيطرة على شعب معاد، تعلّم مخاطر الحياة تحت حكم الحزب الشيوعي الصيني من خلال مشاهدة سبعين عاما من حكمه، بما في ذلك مذبحة تيانامين وحملات القمع في هونج كونج في عامي 2014 و2019. ويعرف مواطنو تايوان التهديد الذي يشكله حكم جمهورية الصين الشعبية وسيجعلون من الصعب بالنسبة لها أن تحكم. وقد برهن النشطاء التايوانيون من حركة حركة زهرة عباد الشمس الطلابية أنهم مستعدون للخروج إلى الشوارع عند تعرض حريتهم للتهديد. كما أظهرت الانتخابات الأخيرة أن التايوانيين مستعدون للقتال. وتوقع ماكدونالد أن الصين أيضا سوف تعاني اقتصاديا. وعلى الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني أعلن منذ فترة طويلة عن استعداده لتحمل أي ألم اقتصادي لضمان خضوع التايوانيين، فهو يواجه الآن ما هو أكثر من مجرد تعطل التجارة. فقد حشد الغزو الروسي لأوكرانيا الرأي العام العالمي وأصبحت العقوبات الاقتصادية قوة كبيرة مؤثرة للغاية. وسيجد أي اقتصاد مترنح بالفعل صعوبة في تجاوز مثل هذه التكلفة، التي ستضغط على قدرة الحزب الشيوعي الصيني على إضفاء الشرعية على حكمه المستمر. وعند دراسة التكاليف الكاملة والنتائج المحتملة لهجوم جمهورية الصين الشعبية، فإن مثل هذه المغامرة ستنتهي على الأرجح لصالح الولاياتالمتحدة بدون تدخلها. ومع ذلك، هناك شهية متزايدة داخل الولاياتالمتحدة- خاصة في الكونجرس- لأن تقوم الولاياتالمتحدة بالدفاع عن تايوان حال تعرضها لغزو صيني. ومع ذلك، لا يوجد أساس منطقي واضح لدفاع الولاياتالمتحدة عن تايوان. ولتبرير استخدام القوة العسكرية، يجب أن يكون هناك تهديد لمصالح الولاياتالمتحدة. وفي الواقع، تكمن مهمة الحكومة الأمريكية في الدفاع عن الحقوق الفردية للمواطنين الأمريكيين. وفي ظل عدم وجود هجوم على الولاياتالمتحدة، يجب أن تمثل الأفعال الخارجية تهديدا واضحا لقدرة الولاياتالمتحدة على الدفاع عن نفسها لكي تتمكن من تبرير شن الحرب. ورأى ماكدونالد أن البعض يعتبر أن مصداقية الولاياتالمتحدة ستتضرر إذا لم تدافع عن أحد حلفائها. ومع ذلك، فإن الولاياتالمتحدة لم تقدم ضمانا أمنيا لتايوان – فقد تم إلغاء معاهدة الدفاع المشترك مع جمهورية الصين (تايوان) في عام 1979- وقد تجنبت عن قصد تقديم وعود بالدعم. بالإضافة إلى ذلك فإن الولاياتالمتحدة ليس لديها أي التزام بالدفاع عن دولة أخرى بسبب أنها تمارس حكما تمثيليا ليبراليا. وبينما تستفيد الولاياتالمتحدة من التجارة والتفاعل نتيجة انتشار الدول الليبرالية المفتوحة، هناك فرق بين الاستفادة من وضع معين وبين أن يكون وجوده سببا لأن تغامر الولاياتالمتحدة بمواطنيها وأموالها. واعتبر ماكدونالد أنه حال اندلاع حرب عبر مضيق تايوان، سيشهد المواطنون الأمريكيون بالتأكيد اضطرابات اقتصادية مؤقتة. وسترتفع تكلفة العديد من السلع مع اضطراب سلاسل الإمداد فضلا عن ارتفاع تكاليف شحن السلع العابرة لبحر الصين الجنوبي. ومع ذلك، فإن وجود وضع اقتصادي متغير، لا يشكل في حد ذاته تهديدا لحقوق المواطنين الأمريكيين. فقد ترتفع الأسعار لأي عدد من الأسباب، ولا يبرر أي سبب منها تدخل الحكومة الأمريكية عسكريا أو غير ذلك. وأشار الباحث ماكدونالد إلى أن حال نجاح أي غزو صيني لتايوان، فإنه سيوسع امتداد الصين الجغرافي الاستراتيجي، ويوسع دفاعاتها إلى غرب المحيط الهادئ ويوفر ميناء يسمح بالوصول الفوري لمياه عميقة لغواصاتها. ومع ذلك، لا شيء من هذا يمنع الولاياتالمتحدة من الدفاع عن مواطنيها أو استخدام القوة العسكرية في غرب المحيط الهادئ. ولكن على النقيض من ذلك، دخول الحرب في ظل عدم وجود تهديد مباشر للمصالح الأمريكية سيكون بمثابة التضحية بأرواح وممتلكات مواطنين أمريكيين من أجل احتياجات دولة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي هذا إلى تحويل الموارد الأمريكية بعيدا عن الاعداد للدفاع عن المصالح الأمريكية وسيعزز تصور الحزب الشيوعي الصيني أن التايوانيين يرغبون في الوحدة، ولكن الولاياتالمتحدة وتابعيها لا يسمحون لها بذلك. وينبغي دفع بكين ورعاياها لرؤية أن تايوان لا ترغب في الانضمام إليهم أو في الوحدة. وعلى الرغم من أن القتال ليس في مصلحة الولاياتالمتحدة، فإن جعل الحرب أكثر صعوبة لجمهورية الصين الشعبية يصب في مصلحة واشنطن. وبالتالي، يجب أن تساعد الولاياتالمتحدةتايوان في الاستعداد لردع أو هزيمة أي غزو صيني. في غضون ذلك، يتعين على واشنطن انتهاج سياسية خارجية إيجابية توجهها القيم، بدلا من التخلي عن المبادرة الفكرية والتشغيلية من خلال الرد على كل مثال للتضليل أو سوء السلوك من جانب الصين. ولتحقيق هذا الهدف، ينبغي أن تنسى السياسة الخارجية لواشنطن النظام في بكين وتركز على بناء شراكات هادفة بين دول المحيطين الهندي والهادئ التي تدعم الحرية والأعمال. ويتركز الهدف من ذلك على تشكيل منطقة يوجد بها شركاء متشابهون في التفكير يعملون في التجارة الحرة ويحلون النزاعات سلميا. واختتم ماكدونالد تقريره بالقول إن اندلاع حرب عبر المضيق لا يدعم بشكل مباشر المصالح الأمريكية ولا يجب أن تخوضها القوات الأمريكية. القيام بذلك، سيعد تجاوزا لتفويض الحكومة للدفاع عن المواطنين الأمريكيين ويورط الولاياتالمتحدة بلا أي داع في قضية باهظة الثمن وتسبب الاستنزاف. وسوف يتسبب ذلك في تحويل الموارد والانتباه عن المهمة المهمة المتمثلة في تشكيل منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادئ، وهو ما سيحقق نتائج أعظم طويلة المدى للولايات المتحدةوتايوان والمنطقة ككل. وبدلا من خوض حرب، يجب أن تدعم الولاياتالمتحدةتايوان بزيادة مبيعات الأسلحة والتدريب مع تسليط الضوء على الازدراء الاخلاقي لتهديد الصين باستخدام القوة. وسيشكل هذا رادعا للصين، وإذا كانت بكين حمقاء بما يكفي لتغزو تايوان، فسيتم توريطها في مغامرة مكلفة تضر بصورة الحزب الشيوعي الصيني وتهدد وضعه. وفي نهاية الأمر، ستكون الولاياتالمتحدةوتايوان والمنطقة والرعايا الصينيون أكثر آمانا إذا أصبحت تايوان سببا لانهيار الحزب الشيوعي الصيني.