تكتسب تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين واتصالات الجيل الخامس والتقنيات المالية أهمية متزايدة على امتداد القطاعين العام والخاص في المملكة العربية السعودية، التي أصبحت مهيّأة لتحقيق الريادة العالمية في الاقتصاد الرقمي. لكن الاتصال المتزايد غالبًا ما يرتبط بارتفاع التهديدات الرقمية الموجهة، التي يزداد تأثيرها بسبب نقص أصحاب المواهب العاملين في مجال الأمن الرقمي. برزت أزمة المهارات في مجال الأمن الرقمي منذ أكثر من خمس سنوات، وما زالت مستمرة في ظلّ تزايد التحدّيات العالمية الحالية. وفقأً لمنظمة أمن المعلومات، قد أصابت فجوة المهارات أو الموارد أكثر من نصف الشركات منذ العام الماضي. وأدّت الجائحة إلى ازدياد هذا التوجّه سوءًا بعد أن زادت من أعباء العمل المُلقاة على عواتق المختصّين في الأمن الرقمي. فوفقًا لدراسة كاسبرسكي العالمية للعاملين في مجال تقنية المعلومات، شهد % 54زيادة في أعباء العمل منذ الانتقال إلى نموذج العمل عن بُعد. ومما زاد هذا الأمر أيضًا النقصُ الحاصل في المختصّين الجاهزين للتوظيف في مجال الأمن الرقمي ونمو التحول الرقمي في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع متطلبات الأمن الرقمي وزاد من إرهاق الموظفين. ينبغي على الشركات أن تجد سبيلًا للتغلّب على هذا النقص من أجل الاحتفاظ بمختصي الأمن الرقمي الحاليين وضمان حماية بنيتها الرقمية من الهجمات الالكترونية . وهنا نتعرّف على عدد من النصائح والممارسات التي تساعد في تحقيق هذا الأمر. الحفاظ على المهنيين المختصين وتطوير مهاراتهم إذا حرصت الشركات على تلبية احتياجات الموظفين والاستثمار فيهم ودعمهم، فإن بإمكانها أن تخلق بيئة عمل يحبون الانتماء إليها والمساهمة فيها. هذه البيئة من شأنها أيضًا جذب أصحاب المواهب الجدد الذين يرغبون في الانضمام إلى بيئات عمل مُرضية تتيح أمامهم فرص التطوّر. وسع آفاق التوظيف غالبًا ما تضيّق الشركات نطاق التوظيف، ولا تفكّر في المواهب التي تفتقر إلى الدرجات العلمية التقليدية في مجال الحوسبة، ما يتسبب بضرر كبير لها وللمرشحين. فمثلًا، تُظهر دراسة لكاسبرسكي أن النساء ما زلن لا يحظين بالتمثيل الكافي في قطاع الأمن الرقمي، إذ إن نصف النساء العاملات في مجال تقنية المعلومات يعملن في فرق تتألف في أغلبها من الرجال. وينبغي، بحسب ما وجدت الدراسة، بذل المزيد من الجهود لمعالجة الخلل القائم، وذلك بخطوات تتضمّن المبادرات الجامعية، وتعيين مزيد من السفيرات لتشجيع الفتيات على دخول هذه المهنة. أما المرشَّحون للوظائف، الذين يتمتعون بخلفيات علمية وشهادات مهنية متنوعة تختلف عن تجربة تقنية المعلومات التقليدية، فبوسعهم أن يضيفوا إبداعًا لا يستطيع غيرهم من المرشحين التقليديين إضافته. استقطاب المختصين الشباب يجب على الشركات التعاون مع الجامعات والمراكز الأكاديمية للوصول إلى أصحاب المواهب الشابة الماهرة واستقطابهم، بمجرّد أن يبدأوا التفكير في خياراتهم المهنية. وفي هذا المجال، يرى خبراء القطاع أن الشركات الخاصة والجهات الحكومية بحاجة إلى مضافرة الجهود لرفع مستوى جاهزية الأمن الرقمي فيها. ومن الأمثلة على ذلك الشراكة بين كاسبرسكي والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، والتي تركّز على تعزيز مهارات الأمن الرقمي لدى الشباب في المملكة العربية السعودية من خلال الدورات التدريبية والورش والمنتديات، إضافة إلى مبادرات مثل CyberHub التي يقوم عليها الاتحاد وتجمع طلبة من 28 جامعة من أنحاء المنطقة بهدف إنشاء أندية متخصصة في الأمن الرقمي. وقد قامت كاسبرسكي بتزويد الاتحاد بمواد تدريبية حول الأمن الرقمي والبرمجة. وبدورها تمنح كاسبرسكي الطلبة نظرة مباشرة على المتطلبات والفرص والتحدّيات الكامنة في قطاع الأمن الرقمي. هذه الشراكات الفعالة تساهم في تحقيق أهداف الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في المملكة، والتي تتمحور حول بناء القدرات الوطنية وإثراء علاقات الشراكة. الاستعانة بمصادر خارجية لإنجاز مهام أمن تقنية المعلومات سواء كان التعامل مع مقدمي الخدمات أو توظيف حلول الأتمتة في التعامل مع الأنشطة والمهام الروتينية من شأنه التقليل من العبء الواقع على فرق العمل في الشركات. أما الشركات التي تعاني محدودية الموارد فبإمكانها توظيف وخدمات مُدارة مثل الحلّ Kaspersky Managed Detection and Response، والتي تقدّم لها المساعدة من الخبراء في أمن تقنية المعلومات، ما يلغي الحاجة إلى الاستثمار في موظفين إضافيين. وبالتالي، سيكون الموظفون العاملون في مجال الأمن الرقمي لدى تلك الشركات قادرين على إحالة المسؤولية عن عمليات فرز الحوادث والتحقيق فيها إلى مورّد خارجي، في حين يظلّ تركيزهم منصبًّا على الاستجابة للنتائج الحاسمة التي تقدمها الخدمة. وكما نرى، هناك العديد من السبل الكفيلة بالتغلّب على مشكلة النقص في مهارات الأمن الرقمي، فاتّباع نهج مختلف في التوظيف، وخلق بيئة عمل تحفز وتجذب الموظفين الشباب، أمران من شأنهما مساعدة الشركات على تشكيل فريق مرموق مختص بالأمن الرقمي والحفاظ عليه وتنميته، في حين سوف تتيح الاستعانة المدروسة بمصادر خارجية، المجال أمام الشركات لاكتساب خبرة إضافية وتخفيف أعباء العمل عن الموظفين العاملين لديها في مجال أمن تقنية المعلومات.