المملكة الأكثر تقدماً في التنافسية الرقمية.. والتطوير المهني مطلوب أضحى الأمن السيبراني إحدى أولويات الدول في عالم اليوم، لما يقدمه من حماية الأنظمة والشبكات والبرامج ضد الهجمات الرقمية، وقد تهدف هذه الهجمات إلى معلومات حساسة لأمن الدولة واستقرارها. وبفضل الاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة للأمن السيبراني تعتبر المملكة اليوم هي الأكثر تقدماً في التنافسية الرقمية من بين دول مجموعة العشرين، ما جعل هناك حاجة متزايدة للكوادر المؤهلة المختصة في هذا المجال، لذا أعطت الحكومة الثقة للمرأة السعودية شريكة الرجل والتي بدورها أثبتت جدارتها لاقتحام مجالات عديدة كانت للرجال فقط، فتعد المرأة اليوم مكوناً رئيساً من مكونات نجاح نهضة الدولة وازدهارها في جميع الجهات الخاصة والحكومية بمختلف التخصصات، لنجدها تمكنت ودخلت مجال الأمن السيبراني لتتولى مناصب قيادية على مستوى العالم، وتأتي مبادرة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - لتمكين المرأة ودعم العاملات في هذا الميدان - الأمن السيبراني - والتي تعتبر جزءاً استراتيجياً من رؤية المملكة 2030. الجامعات تعمل على تخريج الكوادر المؤهلة لتلبية حاجة الوطن تمكين متلاحق وقالت د. فاطمة العقيل - مستشارة في الأمن السيبراني والرئيس التنفيذي لمجموعة سياج التطوعية -: تحظى المرأة السعودية اليوم باهتمام كبير من قبل ولاة الأمر وتمكين متلاحق تابعنا خطواته وتفاصيله على الصعد كافة، ولضمان التطوّر المهني للمرأة السعودية وتمكينها وتعزيز قدراتها فقد قامت المملكة باستحداث وظائف للنساء كانت سابقاً حصراً على الرجال ومنها مجال الأمن السيبراني الذي أتيح للمرأة فيه فرص مختلفة، كما يعد تمكين المرأة في الأمن السيبراني جزءاً لا يتجزأ من تمكين المرأة في مختلف القطاعات بما في ذلك القطاع العسكري الذي شهدناه مؤخراً، فقد وجه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - بتبني مبادرة تمكين المرأة في الأمن السيبراني العام الماضي، بهدف زيادة رأس المال البشري في الأمن السيبراني تعزيزاً لدور المرأة في هذا المجال، مضيفةً أن المملكة تعتبر اليوم الأكثر تقدّماً في التنافسية الرقمية من بين دول مجموعة العشرين، ونظراً للتقدّم التقني الذي تشهده في الآونة الأخيرة، وأهمية توفير الخدمات الحكومية والخاصة على نحو يضمن استمراريتها وسلامتها وأمانها، ولارتباطها في كافة الصناعات وقيام الاقتصاد عليها فقد توجب حمايتها من المخاطر السيبرانية التي قد تتعرّض لها، ولمعرفة القيادة الرشيدة بالآثار المترتبة على تعطّلها على مصالح الوطن، فقد أولت القيادة الرشيدة اهتماماً خاصّاً بالأمن السيبراني يتضح بإنشاء كيان مستقل لها باسم الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في عام 1439ه. اكتساب المعارف وأوضحت د. فاطمة العقيل أنه لكي تحقق المملكة أهدافها في مجال الأمن السيبراني، أصبحت هناك حاجة متزايدة للكوادر المؤهلة المختصة في هذا المجال في كافة القطاعات سواء كانت أكاديمية أو مهنية أو عسكرية، لحماية الوطن ومصالحه الحيوية، فالأمن السيبراني بطبيعته متداخل بشكل كبير مع عدد من القطاعات الحيوية، مثلاً ارتباط الأمن السيبراني بالقطاع المالي أو العسكري أو الصحي وغيرها من القطاعات، لذا فهو يمنح خبرات عملية متفردة ويرفع المستوى المعرفي للعاملين فيه سواء كانوا نساء أم رجالاً، لذا من المهم اكتساب النساء هذه المعارف والمهارات المتنوعة التي ستسهم في صناعة مستقبل الأمن السيبراني محلياً ودولياً، ذاكرةً أنه مما لاشك فيه أن المرأة السعودية المختصّة في هذا المجال والذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي تقوم بواجبها الوطني في الدفاع عن الوطن ولا يقل أهمية ما تقوم به هي وشريكها الرجل عن ما يقوم به القطاع الأمني والعسكري للدولة، وهذا شرفٌ للجميع وواجب وطني متوقع تتطلع المرأة للمشاركة فيه دائماً. خبرات علمية وأكدت د. فاطمة العقيل أن المرأة تشكل عالمياً نسبة قليلة في مجالات التقنية بصفة عامة مقارنةً بالرجل، وذلك يتضح بصورة أكبر في مجال الأمن السيبراني الذي يعتبر مجالاً حديثاً نوعاً ما ولا يشغله إلاّ قليل من المختصين، ونظراً لهذا الاحتياج العالمي فقد أصبح هناك توجه في الآونة الأخيرة نحو زيادة عدد النساء في هذا المجال، فوفقاً لدراسة القوى العاملة في مجال أمن المعلومات العالمية التي قامت بها شركة (ISC) ومركز الأمان والتعليم السيبراني التابع لها في عام 2017م أن النساء يشكلن 11 % فقط من القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني العالمي، وكان هذا الرقم ثابتاً حتى كشف استطلاع آخر أجرته ذات الشركة بعنوان تقرير المرأة في الأمن السيبراني لعام 2019 أن النساء يمثلن الآن 24 % من القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني والذي يتزايد تدريجياً مع الوقت، مشيرةً إلى أن تمكين المرأة في الأمن السيبراني يعزز فرص العمل في المجتمع ويرفع مستوى الكفاءة في هذا القطاع، حيث إن النساء اللاتي يعملن حالياً في هذا القطاع أتوا بخبرات علمية متنوعة من بلدان مختلفة ولديهن خبرات علمية متراكمة على مدى سنوات متعددة وجاء الوقت لاستثمارها والاستفادة منها في رفع نضج الأمن السيبراني في الوطن وتشكيل مستقبله، متأسفةً على أنه حتى الآن يوجد نقص في الكفاءات والخبرات وبرامج التدريب، وقد يحتاج هذا المجال وقتاً لكي ينمو وينضج ويستقر ويتزايد احتياج الجهات الحكومية والخاصة إلى أكفاء في الأمن السيبراني من الجنسين مع تزايد استخدام التقنية والتحول الرقمي. فرص متعددة وعبّرت نوف اليوسف - قائدة ومستشارة في التقنية والأمن السيبراني - قائلةً: مما يؤكد لنا على تنامي ثقة قيادة المملكة في قدرات المرأة وكفاءتها وحرصهم على أن تحظى بفرص التمكين والدعم، هو ما يتضح لنا في تزايد الاعتماد عليها في كافة القطاعات، وذلك بعد ما أثبتت جدارتها ونجاحها، وإذا نظرنا إلى مجال الأمن السيبراني نجد أن القيادة الرشيدة وفرت الدعم الكبير بداية من الدراسة الجامعية والدورات التدريبية والمبادرات في مجال الأمن السيبراني للطالبات، لكي تكون مؤهلة لكافة الفرص في سوق العمل، وأصبحت الآن فرص عمل المرأة في مجال الأمن السيبراني متعددة، خاصةً بعد ما تم إنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في العام 2017م، ودعم عمل المرأة في هذا القطاع المحوري يتزايد وذلك في ظل الرغبة بزيادة الكادر النسائي في هذا المجال؛ بسبب قلة العنصر النسائي سابقاً والتوجه لوصول المرأة للمناصب القيادية في هذا المجال أسوةً في القطاعات الأخرى، فبات تمكين دور المرأة في الأمن السيبراني ملحوظاً بعد مبادرة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - والتي أطلقها سموه للمنتدى الدولي للأمن السيبراني بالرياض العام الماضي، والتي تعنى بتمكين المرأة في المجال، عبر دعمها بالمشاركة الفاعلة في هذا المجال، وتعزيز تطويرها المهني في الوقت الذي فيه الأمن السيبراني إحدى أولويات الدول في عالمنا اليوم. ونوّهت أن الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز أقام العديد من المعسكرات المشوقة والمفيدة للشباب والبنات، لصقل مهاراتهم وتعزيز قدراتهم في المجال وتأهيلهم لأسواق العمل والتوظيف مثل معسكر طويق، حيث تتميز بعض المعسكرات بأنها تنتهي بالتوظيف للمشتركين. خطوات مشرفة وتحدثت د. أريج الحقيل - وكيلة عمادة التعاملات الإلكترونية والاتصالات في جامعة الملك سعود - قائلةً: فعّلت حكومتنا الرشيدة دور المرأة إيماناً بكفاءتها التي أثبتتها في المجالات المختلفة، وخطت بدعم من قيادتنا الرشيدة خطوات تاريخية مشرفة لتحتل مكانتها الملائمة في المجتمع وشاركت بفعالية وأثبتت أنها على قدر المسؤولية لدفع عجلة التنمية رغم كل التحديات والصعوبات، حتى إن أحد أهداف 2030 استهدفت رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل، وحقق العديد من السعوديات تفوقاً ونجاحاً باهراً في مجالات تقنية متنوعة وأثبتت قدراتها وتميزها ومن ضمنها كان مجال الأمن السيبراني، لكن التحدي الأكبر كان بنقص أعداد المؤهلات لهذا المجال، وفي ظل اهتمام القيادة لسد هذه الفجوة جاءت المبادرة الأكبر عالمياً لتمكين المرأة في هذا المجال وهي مبادرة الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - لتمكين المرأة في الأمن السيبراني والتي تسعى لتأهيل وتمكين المرأة من خلال العمل والقيادة في مجال الأمن السيبراني لتعزيز التواصل وخلق الفرص الوظيفية والقيادية في الأمن السيبراني، ولعل أهم أهداف المبادرة هو تقليص الفجوة بين الجنسين في الوظائف السيبرانية لاستقطاب أفضل القدرات، والمساهمة في مستقبل مشاركة المرأة في الأمن السيبراني وتعزيز فرصها في الحصول على وظائف، وتعزيز التطوير المهني للمرأة وزيادة رأس المال البشري للأمن السيبراني للإسهام في توفير المهارات والمواهب لتغطية النقص الحاد في الوظائف. مراكز أبحاث وأوضحت د. أريج الحقيل أن الجامعات السعودية استحدثت العديد من برامج البكالوريوس والدراسات العليا المتخصصة في الأمن السيبراني والتي ستسهم في تخريج المختصات القادرات على تلبية الحاجة الوطنية للأمن السيبراني، بل وشجعت الباحثات في هذا المجال لإنجاز الأبحاث والدراسات وتقديم الحلول العلمية المعنية بالأمن السيبراني في مجالاته المتعددة، وتم إنشاء عدد من مراكز الأبحاث المختصة بالمجال، كما تم أيضاً الاستثمار في تأهيل المختصات من خلال برامج الابتعاث لأفضل الجامعات العالمية تحديداً في مجال الأمن السيبراني، كذلك أقيمت العديد من المعسكرات التدريبية والتأهيلية المتخصصة والمكثفة في هذا المجال وحظت فيها الفتيات السعوديات على فرص متكافئة للالتحاق بها وتطوير مهاراتهم وإمكاناتهم، وأيضاً قدمت الهيئة وعدد من الجامعات برامج تدريبية بالشراكة مع جهات عالمية متخصصة عريقة لتأهيل المتخصصات، كما أصبحنا نشهد العديد من الهاكثونات والمسابقات التقنية في المجال والتي نرى فيها تميز فرق نسائية ووصولها لمراكز متقدمة تدل على تمكنها، وأيضاً قدمت العديد من المبادرات والجهود التوعوية لرفع وعي المجتمع بشكل عام والمرأة بشكل خاص بالأمن السيبراني، هذا التأهيل للكوادر الوطنية والاهتمام بالتشريعات لابد أن ينعكس على حماية الاقتصاد المحلي وربما جذب الاستثمارات الأجنبية حيث تكون المملكة هي البيئة الأمثل المتمثلة في كوادر مدربة وتشريعات حامية. هناك تحديات وتأسفت د. أريج الحقيل على أنه مازال تمثيل المرأة في مجال الأمن السيبراني ضعيفاً عالمياً، حيث أظهرت إحصائيات حديثة أن النساء يمثلن 24 % من القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني العالمي، وأن الدراسات أيضاً تشير إلى ارتفاع ملحوظ في الإقبال على المجال مع تقلص الفروقات في الرواتب، والتي كانت أهم معضلة للدخول في المجال، وأتحدث هنا عالمياً وليس محلياً، مؤكدةً على أن هناك العديد من التحديات التي تحيط بالمرأة في هذا المجال، خاصةً للطبيعة الخاصة بمجتمعنا، فبعض المجالات في الأمن السيبراني تحتاج إلى العمل حتى ساعات متأخرة والاستجابة المباشرة للحوادث الأمنية والتعامل معها والذي يكون أحياناً تحدياً أمام التزاماتها الأسرية، لكن كغيرها من المجالات أثبتت المرأة أنها على كفاءة عالية في التوفيق بين واجباتها ومسؤولياتها المختلفة. عصر ذهبي وقالت أروى الحمد - مديرة إدارة أمن سيبراني -: وصلت المرأة السعودية اليوم إلى عصرها الذهبي والذي نالت من خلاله كثيراً من الدعم والتمكين وأصبحت محط أنظار العالم، فقد حان الوقت لها أن تختار أو تبتكر فرصتها، فكما قال ولي العهد - حفظه الله -: "همتنا مثل جبل طويق" و"طموحنا عنان السماء"، التحدي الأكبر من وجهة نظري كان "كسر السقف الزجاجي" والمقصود هنا بالسقف الزجاجي هو الحاجز غير المرئي الذي لا يمكن الوصول إليه والذي يمنع المرأة من الارتفاع إلى أعلى درجات سلّم الشركات بغضّ النظر عن مؤهلاتها أو إنجازاتها، وبفضل من الله ثم الجهود الجبارة التي قامت بها المملكة في تمكين المرأة فقد تمكنت العديد من النساء من كسر هذا السقف، مضيفةً: "من خبرتي في مجال الأمن السيبراني طريق التفوق هو: من جد وجد ومن زرع حصد، والشغف يلعب دوراً جوهرياً، لذا في الفترة الأخيرة وجدنا للمرأة السعودية في مجال الأمن السيبراني ظهوراً على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي من خلال تقلدها مناصب قيادية ومشاركتها في الأبحاث والمؤتمرات العالمية وحصولها على جوائز تميز في المجال، وهذا بداية الطريق، فالحمد لله والشكر". د. فاطمة العقيل نوف اليوسف أروى الحمد