المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، عُرِفَ عنه الوفاء للمخلصين له ولوطنه، وحينما يُطلق كلمةً أو عبارةً أو جملةً أو وصفًا على شخصٍ تبقى العبارةُ وسامًا عاليَ القدرِ يشرُفُ به الممنوح له، يفخرُ به ويتواصى عليه الأبناءُ والأحفاد. وقعَ نظري خلال تصفحي كتاب (الشيخ سعيد بن عبدالعزيز بن مُشيط، شيخ شمل قبائل شهران، وابنه عبدالعزيز في ذاكرة التاريخ) لمؤلفه عبدالعزيز بن سعيد بن مشيط؛ على عبارةٍ تصدرت الكتاب؛ وهي ثناء المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن على الشيخ سعيد بن مشيط، إذ جاء فيها: "هذا الأخ المُخلِص، شيخ شهران العريضة، وقف معنا منذ البداية، وهو نِعمَ الأخ والصديق المخلص"، استوقفني هذا الثناء، لأقرأ الكتاب؛ لعلي أستفيد وأفيد، فثناءٌ من الملك عبدالعزيز له دلالاته ومعانيه ومغازيه، وحفّزتني على قراءة الكتاب المُكوّن من 596 صفحة، ومقدمةٍ للطبعة الأولى والثانية، وسبعةِ فصول، وثامنها فصلٌ خاص بملاحق الكتاب، وخُصص الفصل الثالث عن علاقة الشيخ سعيد بن مشيط بالملك عبدالعزيز وأبنائه، وهو من كتب السير التي توثّق التاريخ؛ بأسلوب السهل الممتنع، ذو فائدةٍ للأجيال، يتعرفون من خلاله على أسلوب الحياة قبل وبعد توحيد المملكة العربية السعودية على يد مؤسسها وموحّدها المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل، ويوضّح العلاقة بين الحاكم والمحكوم، والولاء والطاعة لولي الأمر، والكتاب به توثيق مهم لوصف الجزيرة العربية ما بين 1210 ه -1995م، حيثُ يصف قصورها وأسلوب بناء منازلها وأسواقها ومساجدها، ومرتفعاتها وهضابها وأسلوب الحياة في ذلك الوقت، ويذكر مؤلّف الكتاب أنّ ما دعاه لجمعه هو إيضاح علاقة والده بالملك عبدالعزيز رحمهما الله؛ إذ هو من رجالات الملك، ومن المخلصين لأوطانهم وولاة أمورهم ويوثق الصلة بين الحاكم والمحكوم، ويبين اللحمة التي سادت وما زالت والتي من شأنها أن جمعت شتات الوطن وأصبح وطنًا واحدًا تجمعهُ كلمة لا إله إلا الله، ومن ثم حب الدين والوطن والملك. ومن الأسباب الأخرى كما يذكر مؤلف الكتاب أن على الكتاب والمؤرخين تسجيل تاريخ الرجال الذين كانوا حول القائد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيّب الله ثراه-؛ ليكونوا قدوة ومثلاً يقتدون به ويتمثلون منهجهم في الولاء والطاعة والتفاني في العمل، وسار على هذا النهج أبناء الملك عبدالعزيز من الملوك وولاة عهدهم، فيقول ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في هذا الصدد: "عند اختيار رجال الدولة؛ فأهم شيء هو الشغف والكفاءة والقدرة"، فمنذُ تأسيس المملكة وهذا المبدأ الذي سار عليه المؤسس مع رجاله إخوانًا له يبذلون قصارى جهدهم من أجل الوطن، ويعلنون ولاءهم لله ثم الملك والوطن. ويردفُ المؤلف قائلاً إنّ كتابة مثل هذا التاريخ دين في أعناق أبناء الجيل الذي عاصرَ وعايشَ جهاد وكفاح الملك عبدالعزيز ورجاله الذين آزروه من أجلِ بناءِ وطنٍ عزيزٍ، فهذا الوطن يستظلُّ به الجميع، وها نحنُ نقطفُ ثمار ذلك الجهد الذي بذله المؤسس وأولئك الرجال الذين كانوا معه وأخلصوا له وأخلص لهم، وأحبهم وأحبوه واعتبرهم إخوةً. إنّ الإشادة بأولئك الرجال وفاءٌ للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن. ومما يُلفت إليه في هذا الكتاب ما احتواه من وثائق غاية في الأهمية؛ حيثُ وثّق كل الأخبار التاريخية التي أوردها وأخذها من أفواه الرجال؛ فيُعد هذا الكتاب مرجعًا وثائقيًا لحقبة من أهم الحقب التاريخية في بلادنا المملكة العربية السعودية، وبظنّي بل يقيني أنّ الشباب في حاجةٍ لقراءة مثل هذه الكتب التي تُشخّص الواقع المُعاش وقت تأسيس المملكة العربية السعودية على يد موحّدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ورجاله المخلصين الذين أشاد بهم وأوفاهم حقّهم لما قدّموه من إسهاماتٍ في بناءِ هذا الوطن العزيز. مؤلّف الكتاب شاهدُ عصرٍ على تاريخ مملكتنا، وعلى أهمِّ حقبها ومراحلها، مرحلة التوحيد على يدِّ موحّدها وجامع كلمتها ولحمتها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وما قبل ذلك التاريخ، حيثُ سَمِعَ من والده الشيخ سعيد، وعايش المرحلتين قبل وبعد التأسيس والتوحيد وعايش المؤلّف ذلك حتّى عهد الملك السابع للمملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكيّ الأمير محمد بن سلمان. وهذا الكتاب جديرٌ بالقراءةِ والتمعّن؛ وعلى وجه الخصوص الأجيال الشابة؛ لتعرف مراحل بناء دولتهم من التأسيس إلى مرحلة الرؤية الوطنية 2030، فبناء الأوطان والمحافظة عليها دينٌ في رقاب الأجيال. عبدالعزيز بن عثمان الفالح