تواصل المملكة دورها الريادي في قيادة سوق الطاقة العالمي للاستقرار، والازدهار إلى الابتكار في ظل ما تمثله المملكة من دور محوري في أمن الطاقة العالمي لوفرة إمداداتها المأمونة والموثوقة لمختلف أنحاء العالم بنحو 10 ملايين برميل يوميا تضخها للسوق العالمي وفق التزاماتها بحصص إمدادات النفط العالمية المشتركة في تحالف أوبك+ بمشاركة 23 دولة من منظمة أوبك وشركاءها الذي متفقين إلى الآن قبل اجتماعهم الأربعاء القادم أن يزيدوا 400 ألف برميل من النفط الخام يوميا للسوق العالمي بشكل شهري ويتم إقرارها في نهاية كل اجتماع ما لم تجبر التطورات العالمية زيادة أو نقصان حصص أخرى. وبالرغم مما يمثله تحالف أوبك+ من أهمية استراتيجية قصوى في قراراته لمصلحة الاقتصاد العالمي من تداعيات توازن واستقرار أسواق النفط العالمي، ونجاح المملكة في تأسيس وتنظيم وقيادة تحالف أوبك+ لبر الأمان، إلا أن المملكة تنظر لتحالف أو تجمع نقطي تكنولوجي عالمي مماثل يحقق مثيل منجزات أوبك+ التاريخية المتعددة، تجمع ما بين أمن الطاقة العالمي بوفرة البراميل المطلوبة للسوق، مع غمرة التحول لنظم الطاقة الأكثر محافظة على كوكب الأرض في إنتاج وتصدير النفط الخام الأقل انبعاثا للكربون بأحدث النظم التكنولوجية. الأمر الذي علق عليه وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان مشدداً بأن أمن الطاقة يتطلب أن يواصل العالم متابعة جميع خيارات الطاقة بما في ذلك الموارد الهيدروكربونية التي غذت الاقتصاد العالمي والاقتصادات النامية لعدة قرون، مضيفا سموه، في جلسات مؤتمر تقنية البترول الأخير، ولكن هناك تحدٍ في قلب هذه الاستراتيجية يتمثل في كيفية زيادة إمدادات الوقود الهيدروكربوني مع السعي في الوقت نفسه إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. مشددا سموه، "بالتأكيد، التكنولوجيا هي مفتاح حل هذا التحدي وأن الاستدامة هي نتيجة طبيعية لإطار اقتصاد الكربون الدائري الذي تدافع عنه المملكة وسوف تستمر في السعي وراءه وسنأخذ زمام المبادرة وسنعرض للعالم أنه يمكننا القيام بذلك ويمكن لبقية العالم اتباعه". تكنولوجيا الابتكار ولفت وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان "ولكن تمت الموافقة عليه أيضًا من قبل قادة مجموعة العشرين مرة أخرى في روما العام الماضي فقط". إلا أن سموه ركز الطرح على أن التكنولوجيا تعد في صميم الابتكار الحاسم في المستقبل مثل اقتصاد الهيدروجين، واستدامة الهيدروكربونات والبتروكيماويات وأنظمة الطاقة الذكية، وستكون تكنولوجيا الابتكار أمرًا حيويًا لأننا جميعًا نطلق المبادرة السعودية الخضراء التي تهدف إلى توليد نصف احتياجاتنا من الطاقة المحلية من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 والطموحات للوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2060 وإذا ساعدتنا التكنولوجيا يمكننا حتى تحقيق ذلك الرقم قبل ذلك التاريخ. واستطرد بالقول يجب التذكير أن صافي الصفر لا يعني "قطف الكرز"، ولا يعني "صفر الزيت"، لقد تم بالفعل تطبيق نظم تقنيات مبتكرة في تقنية استخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه وستضطلع بدور رئيس في الجهود العالمية الرامية إلى تقليل الانبعاثات، مع ضمان استمرار تقدم العالم وازدهاره. وتعتمد تقنيات استخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه على استخلاص ثاني أكسيد الكربون من المصدر أو من الهواء مباشرة، ثم يتم نقل تلك الانبعاثات وتخزينها في باطن الأرض، أو تحويلها إلى منتجات مفيدة. وقد استخدمت تقنية استخلاص الكربون منذ عقود كوسيلة للمساهمة في تحسين جودة الغاز الطبيعي، لكن مع تطوير تقنيات جديدة ورائدة يمكننا الآن إزالة ثاني أكسيد الكربون وفصله إلى أجل غير مسمى. وإلى جانب ذلك، تعكف الشركة على اكتشاف طرق جديدة لإضافة قيمة إلى مخلفات غاز ثاني أكسيد الكربون وذلك من خلال تحويل هذا الغاز إلى منتجات صناعية وتجارية يمكن طرحها في الأسواق.وقال وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان ولدينا برنامج رائع يسمى استدامة استهلاك النفط ويتم حضور هذا البرنامج وتنسيقه من قبل وزارة الطاقة، فهي تضم ما يقرب من 70 وكالة حكومية مختلفة إلى جانب كل شركة يمكن أن تكون مساهمًا في أن تكون شركة دولية أو مملوكة للدولة أو حتى بالتعاون مع مزود التكنولوجيا ومطوري التكنولوجيا، نعتزم اتباع نهج واحد بسيط ونشره.وقال سموه هذا كل ما في الأمر أننا سنقوم بإثبات التكنولوجيا ومن ثم نشرها لاحقًا. مع ذلك نعتقد أنه يمكننا أخذ زمام المبادرة. كما تعلمون أمثلة على الهيدروجين في عزل الكربون، وعزل الكربون عند التقاط الهواء، وكذلك الهيدروجين الأخضر وبالتأكيد الهيدروجين الأزرق، لدينا عوامل التمكين، ولدينا الإرادة، ولدينا القدرة، ولدينا المهندسين، ولدينا البرامج، ولدينا الشباب، فلا تقلل من شأن الشباب السعودي الطموح. ويلتفت العالم بإثارة لنجاح المملكة في اقناع معظم صناعة الطاقة في العالم بإن التكنولوجيا الحديثة هي التي تحدد قوة مستقبل النفط وديمومته، وان اهتماماتها تتجاوز مجرد الإنتاج والتصدير لتصل لشغف الابتكار، وأنه وبقدر سعيها لاستكشاف مزيد من الثروات النفطية والغازية التي حباها الله، وهو بنفس القدر من الاهتمام باستكشاف التقنيات التي تجعل منه وقوداً أخضرا متداولا لكافة شعوب العالم، في إشارة إلى عمق الرؤية السعودية المتفائلة لمستقبل الطاقة وانه وبمقدورها تحقيق المعجزات في أفضل استخدامات الطاقة بالعمل الدولي المشترك المنظم الذي تحكمه المصلحة العامة واقتصادات الدول كافة. وجاءت مصادقة وزراء النفط في مجموعة العشرين في الرياضوروما على مبادرة المملكة للاقتصاد الدائري للكربون تأكيداً لما تعيشه البلاد من مراحل اقوى نضجاً وازدهاراً في صناعة الطاقة في أكبر معترك تكنولوجي تشهده صناعة النفط في العالم، من جهود سعودية استثنائية لجعل النفط المصدر الآمن الموثوق الأكثر موائمة واستدامة للبيئة، حيث تسعى المملكة لبرهنة ذلك بعد ان وجدت الاهتمام والقبول المعزز من وزراء الطاقة في الدول العشرين الأقوى اقتصاداً في العالم. وكانت المملكة قد أعلنت عن منازلتها للكربون منذ عقود من المنبع للمستهلك بأقل الانبعاثات الكربونية التي تعهدت المملكة باحتوائها وإدارتها وتحويلها لمنتجات ذات قيمة عبر الاقتصاد الدائري للكربون، والاقتصاد الدائري للبلاستيك في أكبر معترك تكنولوجي تخوضه المملكة في تاريخ الصناعة. في الوقت الذي تقود المملكة العالم في تحولات الطاقة النظيفة المستدامة ومصادقة قمة العشرين بالرياض ثم روما تبني مبادرات المملكة الريادية الحيوية التي تشرّع التحول لنظم الطاقة الأكثر كفاءة ليس في خفض الانبعاثات، بل في منع تسرب انبعاثات الصناعة للغلاف الجوي واستغلالها بفتح اقتصاداً جديداً للكربون في رحلته التحولية المثيرة من حالته الضارة في حال إطلاقه في الجو، إلى المنتج الصحي الخام ذي القيمة المضافة حين التقاطه وجمعه واستغلاله، الأمر الذي يهيئ لبناء مصانع جديدة تستخدمه لقيما لإنتاج مواد كيميائية معينة ذات قيمة وطلب في أسواق البتروكيميائيات، بخلاف استخداماته الشاسعة والمهمة التي تعزز انفتاح أكبر في تنوع مصادر اللقيم لدعم تنافسية الصناعة الكيميائية مثل ما يحدث الآن في المملكة والتي شرعت في بناء معامل ومصانع خاصة لالتقاط التسربات الغازية من صناعة الغاز الطبيعي، والكربونية من صناعة النفط والبتروكيميائيات وجمعها وتخزينها وإعادة تدويرها وإزالتها.