جاءت حماية كوكب الأرض كأحد أهم المحاور الأربعة التي ارتكزت عليها قمة العشرين 2020 الماضية بالمملكة، رغم عدم التقليل من المحاور الثلاثة الأخرى وهي تمكين الناس من خلال تهيئة الظروف للجميع خاصة للنساء والشباب الملائمة في مجال العمل، وتحقيق الازدهار الاقتصادي، إلا ان حماية كوكب الارض، تظل هاجس المملكة وقلقها الأكبر، وأكدت عليها كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، في افتتاح قمة روما، حينما قال، ايده الله، مجدداً «تشارك المملكة دول العالم قلقها حيال تحديات التغير المناخي واثاره الاقتصادية والاجتماعية». وهنا إشارة ثناء وتقدير لما قامت به المملكة منذ توليها الرئاسة الماضية وهي تعكف ملياً لإيجاد الحلول العاجل للتغير المناخي وقامت المملكة بأعمال جبارة شاسعة في جهود التغير المناخي وتبنيها سلسلة مبادرات تستهدف حماية كوكب الأرض منها إقرار الاقتصاد الدائري للكربون في قمة العشرين بالسعودية وتعهد وزراء الطاقة في قمة العشرين 2020 على العمل بمنهجيته حيث تراهن المملكة على نجاحه عالمياً، بعد أن حققت المملكة سبقاً في صناعة الكربون واستغلاله بأكبر المصانع في العالم التي تستغل غازات ثاني أكسيد الكربون المتطايرة من الصناعة وتقوم بالتقاطها واستخلاصها وجمعها وتحويلها لمواد خام تقوم عليها صناعات أخرى، فضلاً عن نجاح العديد من معامل الغاز في شركة أرامكو من جمع الغاز وتخزينه مثلما يحدث في معمل الحوية وغيرها والتي تستشهد بها المملكة من ضمن جهودها الناجحة في حماية كوكب الأرض من كافة الانبعاثات بنتائج ملموسة للعيان. إلا أن الاهتمام الكبير الأخر الذي اعلنه المليك يحفظ الله بقوله «وتواصل المملكة دورها الرائد بتزويد العالم بالطاقة النظيفة من خلال دعم المزيد الابتكار والتطوير وندعو الى حلول للاستدامة والشمولية مع الاخذ بالاعتبار الظرف المختلفة للدول». وهنا تذكير للعالم بالإنجاز المدوي الذي حققته المملكة بتصدير الطاقة النظيفة للعالم حيث نجحت اليابان باستيراد شحنات من الأمونيا الزرقاء عالية الجودة من السعودية لاستخدامها في توليد الطاقة الخالية من الكربون. وتمتد شبكة إمدادات الأمونيا الزرقاء السعودية اليابانية عبر سلسلة القيمة الكاملة، ويشمل ذلك تحويل المواد الهيدروكربونية إلى هيدروجين ثم إلى أمونيا، وفي الوقت نفسه، احتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المصاحبة. ويسلّط هذا الإنجاز الضوء على أحد المسارات العديدة ضمن مفهوم اقتصاد الكربون الدائري، وهو إطار يتم فيه تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وإزالتها وإعادة تدويرها، وإعادة استخدامها بدلًا من إطلاقها في الغلاف الجوي. الاستقرار للاقتصاد العالمي وفضلا عن الطرح الملكي الفريد في استبيان حقيقة دور المملكة في استتباب الامن والاستقرار للاقتصاد العالمي حينما قال، يحفظه الله، «والمملكة مستمرة في دورها القيادي في التعافي الاقتصادي من الازمات العالمية وإيجاد التوازن لتحقيق امن واستقرار اسواق الطاقة» وهو الهم الأكبر الذي حمله وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان بدعم قوي وحثيث من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اللذين قادا سوق الطاقة للاستقرار أثناء شدة الجائحة. وتلك الجهود السعودية الجبارة للطاقة تناقلها الإعلام العالمي بمزيد من الإثارة والدهشة بالاطروحات الجريئة والتاريخية التي فاجأ بها العالم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأن البلد الأكبر انتاجاً وتصديرا واحتياطيا للنفط الخام في العالم يتعهد في اكبر تحد تكنولوجي وحقبة مبتكرة ببلوغ الانبعاثات صافي الصفر بحلول 2060، في وقت كانت المملكة قد أعلنت عن منازلتها للكربون منذ عقود من المنبع للمستهلك بأقل الانبعاثات الكربونية التي تعهدت المملكة باحتوائها وإدارتها وتحويلها لمنتجات ذات قيمة عبر الاقتصاد الدائري للكربون، والاقتصاد الدائري للبلاستيك في أكبر معترك تكنولوجي تخوضه المملكة في تاريخ الصناعة. وكان سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد أعرب عن فخره واعتزازه بهذا الإعلان التاريخي لصافي الصفر السعودي الذي يمثل العمق في محفظة الوزير الدسمة التي يقود زمامها شخصياً بكافة التفاصيل، معززاً بأقوى دعم من قبل ولي العهد الذي انجح كافة مبادرات المملكة البيئية والطاقوية التي اقرتها قمة العشرين بالمملكة. إضافة إلى أن قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر ومبادرة السعودية الخضراء هما مقدمة للرؤية التي ستمكن المملكة من بناء الجسور بين الاستدامة والنمو الاقتصادي، والذي سيساهم في تعزيز الرفاهية في المملكة ومنها للعالم، ولم تغفل القنوات الفضائية الغربية تعهد ولي العهد بقيادة المملكة لنقلة جذرية تستهدف صافي انبعاثات معدومة بحلول عام 2060. وبثت وكالة رويترز على نطاق عالمي واسع بقولها ان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تعهد في مؤتمر بيئي في المملكة يوم السبت أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تهدف إلى الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060. وأضافت بقوة الإعلان المدوي الذي تعهد ولي العهد، في تصريحات مسجلة، عن خطط لخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 270 مليون طن سنويًا في إطار المبادرة السعودية الخضراء، التي قال إنها ستشهد استثمارات تزيد على 700 مليار ريال (186.63 مليار دولار). ولفت الإعلام العالمي بإثارة نجاح المملكة في اقناع العالم بإن التكنولوجيا الحديثة هي التي تحدد قوة مستقبل النفط وديمومته، وان اهتماماتها تتجاوز مجرد الإنتاج والتصدير لتصل لشغف الابتكار، وأنه وبقدر سعيها لاستكشاف مزيد من الثروات النفطية والغازية التي حباها الله، وهو بنفس القدر من الاهتمام باستكشاف التقنيات التي تجعل منه وقوداً أخضر متداولا لكافة شعوب العالم، في إشارة إلى عمق الرؤية السعودية المتفائلة لمستقبل الطاقة وانه وبمقدورها تحقيق المعجزات في أفضل استخدامات الطاقة بالعمل الدولي المشترك المنظم الذي تحكمه المصلحة العامة واقتصادات الدول كافة. أكبر معترك تكنولوجي وجاءت مصادقة وزراء النفط في مجموعة العشرين على مبادرة المملكة للاقتصاد الدائري للكربون تأكيداً لما تعيشه البلاد من مراحل اقوى نضجاً وازدهاراً في صناعة الطاقة في أكبر معترك تكنولوجي تشهده صناعة النفط في العالم، من جهود سعودية استثنائية لجعل النفط المصدر الآمن الموثوق الأكثر مواءمة واستدامة للبيئة، حيث تسعى المملكة لبرهنة ذلك بعد ان وجدت الاهتمام والقبول المعزز من وزراء الطاقة في الدول العشرين الأقوى اقتصاداً في العالم. بمناسبة قمة روما ودور المملكة نوه ل»الرياض» د. أنس بن فيصل الحجي خبير الطاقة العالمي بأن المملكة سباقة من كونها أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم لتصبح سوقاً للطاقة المتكاملة النظيفة من كافة مصادرها المتجددة وهي نابعة من حسن السياسة النفطية الدولية اللافتة المتطورة للبلاد في كافة شؤون النفط سواء من حيث موثوقية الامدادات وقدرتها على انتاج أفضل أنواع النفط الخام قليل الكثافة الكربونية ولم تكتف بذلك بل يحركها ايمانها من ان النفط سلعة دولية وجدت لتبقى بفضل الاكتشافات التكنولوجية وهي تسعى لتعظيم هذا الاستثمار المفيد المعزز للاقتصاد العالمي واستقراره، وهي لم تغفل متطلبات التنمية النظيفة بل هي من يعمل على تشريع القوانين والأنظمة المعززة للبيئة. ولفت د. الحجي لاهتمام المملكة الأكبر بكفاءة استخدام الطاقة من خلال تأسيسها للمركز السعودي لكفاءة الطاقة بهدف ترشيد ورفع كفاءة استخدام الطاقة في الإنتاج والاستهلاك ورسالته أن يكون مرجعاً دولياً في مجال كفاءة الطاقة، من خلال العمل مع الجهات المعنية المحلية والدولية في القطاعين الحكومي والخاص لتطوير المعرفة والخبرة في مجال كفاءة الطاقة، وتطبيق أفضل الممارسات في المملكة وخارجها. كما أشار د. الحجي الى جهود المملكة في تخفيف بصمة الكربون على الصعيد العالمي بتاريخ عريق يعود إلى عام 1933، ويمثل الغاز الطبيعي جزءا من التحوّل في أنظمة الطاقة، حيث يتزايد الطلب على الوقود الأحفوري ذي الكثافة الكربونية الأقل مثل الغاز الطبيعي نتيجة التغيّر المناخي، ومناشدة الأممالمتحدة لإتاحة الوصول للطاقة على المستوى العالمي، حيث ان التحوّل إلى نظام طاقة أنظف على كوكبنا أمر لا يخلو من الصعوبة ولا يوجد له حلول سريعة. وعندما قررت السعودية في عام 1975 بناء شبكة الغاز الرئيسة لاحتجاز الغاز المصاحب للنفط الخام من أجل توليد الطاقة المحلية ومنتجات أخرى، باشرت في ذات الوقت برنامجها للتقليل من حرق الغاز، الذي تم تعزيزه في عام 2006 بالمزيد من المبادئ التوجيهية من أجل مواصلة الحدّ من حرق الغاز. وبالرغم من ثورة أسواق الطاقة بمخاطر تغير المناخ وتحول الجدل حول انتقال الطاقة للمصادر الأكثر جودة والاقل في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ومع ذلك يستمر الطلب العالمي على الطاقة في النمو، ولا يزال النفط المصدر الأساسي للاقتصادات وأصبح أكثر اندماجًا في الحياة اليومية من خلال المنتجات البتروكيميائية. وتستجيب شركات النفط عن طريق شطب الاستثمارات طويلة الأجل والانتقال إلى بدائل. فيما تواصل الحكومات تشديد اللوائح على مجموعة من أنواع وقود النقل، مما يدفع المصافي على نحو متزايد نحو منتجات أكثر نظافة وخفض الكبريت وخلط الوقود الحيوي. وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان