يصادف يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام، ذكرى تأسيس الدولة السعودية، فعبر ثلاثة قرون من الزمان، كانت الدولة السعودية الموئل للأمن والأمان، والموطن للإسلام والسلام. وقد جاء شعار يوم التأسيس معبراً عن ذلك أدق تعبير؛ فكان الشعار ذا شكل دائري يحمل في داخله خمسة رموز، هي: العَلَم السعودي، والنخلة، والصقر، والخيل العربية، والسوق. خمسة عناصر جوهرية تعكس وجوداً عميقاً، وحيوية متجددة. وعبر نمط من الخط العربي التاريخي يأتي نص الشعار معبّراً عن: "يوم التأسيس 1727م"؛ ليربطنا بحقبة الدولة السعودية الأولى؛ إذ كان ذلك الخط قد كُتبت به إحدى المخطوطات التاريخية التي تؤرخ لتلك البدايات. لقد حملت رموز شعار التأسيس دلالات عميقة، عكست أهمية المناسبة، وقيمة الاحتفاء بها؛ فجاء "العَلَمُ السعودي" رامزاً للتكوين ورايةً للتوحيد، ودلالة على الانتماء والوطنية. راية تخضبت باللون الأخضر عاكسة النماء، والعطاء، والرخاء، وتطرّزت ب "لا إله إلا الله محمد رسول الله" دستوراً ومنهجاً. وقد توسط العَلَم السعودي منتصف الشعار، ليكون بمثابة القلب النابض لبقية العناصر التي تدور حوله. وحضرت "النّخلة" باسقة في الشعار؛ لتعكس النماء والعطاء، راسخة في الأرض، ممتدة الجذور، قديمة الغرس، دالة على الثبات والاتزان، رامزة للظل، والأمان، والرفاه، والطموح. كما حوى الشعار "الصّقر" فارداً جناحيه محلقاً عالياً؛ ليمثل الشموخ، والسمو، والرؤية العميقة المنطلقة عبر ثلاثة قرون، لتَعبر إلى المستقبل بكل همّة وثبات. ولم تغب أحد أهم مُمَكِّنات التأسيس؛ فحضرت "الخيل" رمزاً من رموز شعار يوم التأسيس، دالة على أصالة الحدث، وفروسية أهله، رامزة للشجاعة والإقدام، وعاكسة نشر الخير في أرجاء البلاد؛ فالخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة. وكان "السوق" هو خامس العناصر المُشَكَّلَةِ لرموز شعار يوم التأسيس، دالاً على الرخاء والاستقرار، وممثلاً لدائرة الاقتصاد، والنمو، والازدهار. كما أكَّدَ شعار يوم التأسيس على مسألة غاية في الأهمية، مثَّلَت هدفاً من أهداف الدولة السعودية، ألا وهو الْعِلْمُ؛ فقد حوى الشعار نصّاً عُبِّرَ به عن "يوم التأسيس" من خلال الخط العربي، تأسيساً للحرف، وتأكيداً على أهمية الْعِلْمِ، والكتابة، والقراءة في حياة الدول والشعوب. وفي الشعار تم التأكيد بوضوح على عروبة الدولة السعودية، وقد تمثَّل ذلك من خلال عدة مظاهر، منها: حضور النخلة، وقد كانت مما تشتهر به شبه جزيرة العرب، حتى غدت جزءاً أصيلاً من الهوية، والثقافة، والتراث السعودي، وجاء المظهر الثاني مُمَثَلاً بالصقر؛ فقد ارتبط العربي بالصقر منذ الأزل، كما اشتهرت رياضة الصيد بالصقور في مجتمع الجزيرة العربية. ويحضر المظهر الثالث جلياً من خلال صورة الخيل العربي؛ إذ تلازم الخيل مع الإنسان العربي في صحراء الجزيرة العربية، في علاقة ذات جذور عميقة منذ القِدم، ويأتي المظهر الرابع متمثلاً في استخدام الخط العربي في كتابة نص الشعار. ومن يدقق النظر في شعار يوم التأسيس، يجده متشكلاً بالشكل الدائري؛ ليوحي بالتحرك الموضعي الدائم والمستمر بين عناصر الشعار، في حركة دائرية دائمة، دالة على الحياة والنمو، وعدم السكون أو الجمود، بل إن الحيوية طاغية في الشعار، حيث تعكس الحركة الدائمة والنماء المستمر للدولة. * أستاذ اللغة العربية بكلية الجبيل الجامعية د. محمد الهاجري *