رفع الأوكرانيون علم بلادهم وعزفوا النشيد الوطني الأربعاء للتعبير عن الوحدة في مواجهة مخاوف من غزو روسي. رفرف العلم الأوكراني بلونيه الأصفر والأزرق خارج المدارس والمستشفيات والعديد من المحال التجارية بمناسبة "يوم الوحدة"، وهو يوم استحدثه الرئيس فولوديمير زيلينسكي هذا الأسبوع بعد أن حشدت روسيا قوات بالقرب من حدود أوكرانيا. ونفت روسيا إضمارها نية الغزو، لكنها حذرت من أنها قد تتخذ إجراءات "عسكرية فنية" لم تحددها إذا لم تُلبِ مطالبها الأمنية، ومنها قيود على حلف شمال الأطلسي. وفي شارع خريشاتيك الرئيس في كييف، حيث تزين الأعلام المقار الحكومية، كانت الأمور تسير كالمعتاد بالنسبة للكثيرين. قال ميكولا، الذي يبيع القهوة في كشك صغير بالعاصمة "إنه يوم عادي، ولكن هذه الأعلام هنا لغرض إظهار أننا لا نخاف أحدا". وصدح مكبر صوت في مكتب حكومي محلي بأغان وطنية، بينما بثت قنوات التلفزيون والقنوات الحكومية على اليوتيوب خطبا في محاولة لإثارة المشاعر الوطنية. قالت لودميلا، وهي متقاعدة وضعت علما صغيرا لبلادها على معطفها "الكل يريد إخافتنا ونحن هنا لنبقى". وفي استاد كييف الأولمبي، رفع العشرات علما أوكرانيا يبلغ طوله 200 متر، ملوحين به على وقع الموسيقى الوطنية. يوم الوحدة وفي خطاب بثه التلفزيون، قال زيلينسكي إن الأوكرانيين متحدون حول رغبة مشتركة "في العيش بسلام وسعادة.. في أسرة، أطفال مع آباء". وأضاف "لا يستطيع أحد أن يحب وطننا مثلنا، ولا سبيل لنا لحماية وطننا إلا بالوحدة"، ومن المقرر أن يتفقد زيلينسكي في وقت لاحق التدريبات العسكرية في ريفن قبل أن يتوجه جوا إلى منطقة دونباس في الشرق للقاء القوات. وقال بافلو هورينوف، المسؤول بمعهد سياسة الأسرة والشباب الحكومي "لقد أثبتنا اليوم أننا نحن الأوكرانيين أمة موحدة وشعب متحد". وكثيرا ما قال زيلينسكي إنه بينما يعتقد بأن روسيا تهدد بمهاجمة بلاده، فإن الحلفاء الغربيين يبالغون في احتمال حدوث غزو وشيك، ردا على جهود موسكو لتخويف أوكرانيا وبث الذعر في نفسها. وقال ميخائيلو بودولياك، مستشار كبير موظفي الرئاسة الأوكرانية، هذا الأسبوع إن الرئيس اختار يوم 16 فبراير ليكون عطلة وطنية، لأسباب منها الرد على تقارير إعلامية تحدثت عن غزو محتمل يوم الأربعاء. وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها تعيد بعض القوات إلى قواعدها بعد التدريبات. وبعد ساعات من إعلان موسكو الانسحاب، قالت أوكرانيا إن شبكات الإنترنت الخاصة بوزارة الدفاع وبنكين تعرضت لهجوم إلكتروني. وقالت الوزارة إن متسللين ما زالوا يهاجمون مواقع وزارة الدفاع على الإنترنت اليوم الأربعاء. وعلى الرغم من أن كييف لم تأتِ على ذكر من يقف وراء الحادث، فقد ألمح بيان إلى أنها تشير بأصابع الاتهام إلى روسيا. وأوضح الرئيس الأوكراني إنه لا يرى حتى الآن أي انسحاب للقوات الروسية من مواقع قريبة من الحدود الأوكرانية. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عن زيلينسكي قوله خلال زيارة لغرب أوكرانيا "نتعامل مع الحقائق التي لدينا ولا نرى أي انسحاب بعد، أعتقد أن كل الناس العاديين يتوقعون وقف التصعيد، أما بالنسبة للتهديد فقد قلت مرات عديدة إننا نتعامل بهدوء مع أي تهديدات لأننا نتذكر أن كل هذا لم يبدأ أمس، هذا يحدث منذ سنوات عديدة". وأضاف "عندما تنسحب القوات سيرى الجميع ذلك، لكن في الوقت الحالي هذه مجرد تصريحات". وتطالب روسيا بإنهاء سياسية التوسع التي ينتهجها حلف شمال الأطلسي والتزامه عدم نشر أسلحة هجومية على مقربة من الأراضي الروسية وسحب معدّاته من دول أوروبا الشرقية. ورفضت الدول الغربية هذه المطالب وطرحت في المقابل مفاوضات حول مسائل أخرى مثل الحدّ من التسلّح وإجراء زيارات متبادلة لمواقع حساسة أو محادثات حول المخاوف الروسية بشأن الأمن. في سياق متصل، نفى بيسكوف مسؤولية الكرملين عن هجوم إلكتروني استهدف مواقع وزارة الدفاع الأوكرانية وقواتها المسلحة ومصرفين حكوميين. وقال بعدما أشارت كييف إلى احتمال أن يكون الهجوم من جانب روسيا "كما هو متوقع، تواصل أوكرانيا تحميل روسيا مسؤولية كل شيء، لا علاقة لروسيا بأي هجمات لحجب الخدمة". وأكد الكرملين إن تحليل حلف شمال الأطلسي (ناتو) لتحركات القوات الروسية بالقرب من أوكرانيا خاطئ. وقال المتحدث باسم الكرملين: "هناك مشكلات في تقييم الناتو للوضع". وكان الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، قد قال في وقت سابق إن الحلف "لم ير أي خفض للتصعيد على الأرض"، على الرغم من تصريحات روسيا بشأن سحب القوات المتمركزة بالقرب من الحدود الأوكرانية. من جهتها، أكدت بيلاروس الأربعاء أن جميع الجنود الروس المتواجدين على أراضيها في إطار المناورات العسكرية الواسعة النطاق، سيغادرون البلاد مع الانتهاء المرتقب لهذه التدريبات في العشرين من فبراير. وقال وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي في مؤتمر صحافي "لن يبقى جندي روسي واحد، ولا قطعة واحدة من المعدات (العسكرية) في بيلاروس بعد إجراء المناورات مع روسيا". وبرّر إجراء هذه المناورات بنشاط حلف شمال الأطلسي المهدِد في المنطقة. وتدعم الدول الغربية أوكرانيا في نزاعها مع موسكو. وقال ماكي "إنه ردّ على خطوات اتخذها شركاؤنا الغربيون"، لكن "ليس لدى موسكو ولا مينسك مصلحة في حرب". وبدأت المناورات الروسية البيلاروسية في 10 فبراير، لكن سبقها انتشار كبير للقوات الروسية بدءًا من يناير شمل مدرّعات وبطاريات إس-400 المضادة للطائرات ومقاتلات. وفي مؤشر على تهدئة، أعلن وزير الدفاع الأوكراني صباح الأربعاء أن الملحق العسكري لبلاده في بيلاروس حضر الثلاثاء بعضًا من هذه المناورات. احتفالات عارمة شهدتها مدن ومحافظات أوكرانيا (رويترز)