عندما قرأت كتاب ستيفن كوفي «العادات السبع للناس الأكثر فعالية « فوجئت بأن عادة المبادرة كانت العادة الأولى ضمن العادات السبع الأكثر فعالية، وليس ذلك فقط بل أوضح الكاتب أن قوة العادات الست الأخرى تعتمد على عادة المبادرة! وذكر الكاتب أيضاً أن الناس الذين يتمتعون بهذه العادة يدركون تماماً معنى المسؤولية ولا يعلقون سلوكياتهم على الظروف أو الأحوال؛ لأنهم يعون تماماً أن سلوكياتهم هي نتاج لاختيارهم الواعي المبني على أساس من القيم، وليست وليدة الظروف التي يمرون بها والمبنية على المشاعر. وأضاف الكاتب أن الأشخاص المبادرين يركزون على دائرة التأثير ويختارون العمل على الأشياء التي لديهم مقدرة في تغييرها وهذا ينتج عنه اتساع في دائرة التأثير على عكس ما يحدث للأشخاص غير المبادرين. في الإدارة، أعتقد أن المبادرة من المهارات التي تجعل الشخص مطلوبا على مستوى الوظائف القيادية؛ لأنها تظهر قدرة الفرد على العمل بشكل مستقل من دون الانتظار ليتم تكليفه بأي مهمة، وتظهر قدرته على النمو والتطور من دون الاعتماد على أحد، والأشخاص المبادرون لديهم رغبة دائما في مساعدة الآخرين ونقل المعرفة لهم وعادة ما يظهر الأشخاص المبادرون القدرة على إنجاز المهام التي يتجنبها الآخرون وعلى البحث عن مسؤوليات إضافية. عادة «المبادرة» تذكرني بمديري الأول في بداية حياتي المهنية الأستاذ بشر بخيت، وهو أحد المختصين في مجال الاستثمار وغني عن التعريف، والذي كان دائماً شخصية مبادرة في القيادة، وهو الشخص الأول الذي أخذ بيدي وشجعني على أن أكون شخصية مبادرة، ليس هذا فحسب، أتذكر كيف بادر معي وشجعني على الكتابة المهنية وخاصة أنني لم أخطط يومًا لدخول هذا المجال مع أني أؤمن بأن «زكاة العلم نشره» وكنت أعلم أن هناك تحديات سأقابلها منها بأني لن أكون منتظمة بالكتابة، ولكن أحد الأسباب التي دفعتني للكتابة هي الدوافع المهنية، صحيح أن خبرتي العملية قصيرة جداً، ولكن لربما مقال مهني أكتبه أو مساعدة صغيرة أقدمها، قد تُغير من مسار شخصٍ ما، أو يكون سبباً لفهمه بعض الأمور. أتذكر كيف كان مديري يؤكد على نهج المبادرة سواء في العمل أو في بناء العلاقات مع الآخرين، عملت معه خمس سنوات حتى اقتبست نهجه وطريقته في الإدارة، التي تحث على المبادرة والعطاء. سنواتي الأولى هي النقطة التأسيسية لي وأعد نفسي حظيت بقيادي حريص على تبني فكر «صناعة موظفين نجوم»، كان يؤمن أن دوره في الحياة يتعدى نجاحه وأن النجاح الحقيقي هو صناعة نماذج تخدم الوطن والمجتمع. اليوم أنا حريصة على أن أتبنى نهج المبادرة في الإدارة؛ وكوني لا أحتفظ لنفسي بشيء تعلمته، فأنا أؤمن بأنني عندما أعطي فإن الله سيضاعف العطاءات المقدمة، لذا أحاول أن أجعل رسالتي في الحياة هي المبادرة والعطاء، فذلك يُسعدني كثيراً.