على الرغم من تحذير الولاياتالمتحدةلإيران من أن الوقت ينفد أمام العودة إلى الاتفاق النووي، وأنها في حال فشل المحادثات ستزيد الضغط الاقتصادي والدبلوماسي علي طهران، إلاّ أن الأمر في حقيقته، أن طهران لا تزال تمسك بأطراف لعبة المماطلة التي اعتادت عليها وتمارسها في مفاوضات ملفها النووي، خصوصاً أنها أمنت عدم وجود خيارات عسكرية ضدها، وهي الطريقة الوحيدة لوقف سباقها لتصبح قوة نووية. طهران لديها أولوية، وهي حمل إدارة الرئيس بايدن على رفع العقوبات عنها أولاً، بينما تركز واشنطن على حمل طهران على التوقف عن تخصيب اليورانيوم، كلٌّ منهما يريد أن يتحرك الآخر أولاً، إلا أن طهران تملك الكثير من الوقت، ففي غضون أشهر قليلة ستكون قادرة على إعلان نفسها قوة نووية، وهذا ما سيحدّ من خيارات واشنطن إلى حدّ كبير، كما سيرفع قدرة طهران على المساومة في المفاوضات. وبسبب عدم وضع واشنطن خيارات حقيقية أخرى تلزم طهران، في حال فشل المفاوضات، قد لا تلتقي الولاياتالمتحدة مباشرة مع إيران التي تتبنى نهجاً أكثر تشدداً يدفع لإطالة أمد مفاوضات فيينا، إضافة إلى رفض إجراء أي مفاوضات بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسياساتها الإقليمية، وعلى رأسها دعمها للجماعات الإرهابية أو القوى التي تعمل بالوكالة عنها في الشرق الأوسط. لا شك في أن إدارة الرئيس بايدن دخلت في لعبة جديدة لا تجيدها، ولم يسبق لها أن فاوضت ودخلت سياسة المراوغة والتضليل وقول شيء وفعل نقيضه، بينما النظام الإيراني برع في هذا النوع من السياسات بشكل لا يجاريه فيه أحد، فتلك السياسة هي التي تناسب وضعه الدولي كنظام مارق، يحاول الوصول إلى مراده عبرها. لذلك في حال تعاطت إدارة الرئيس بايدن مع هذه السياسات التي لا تعرفها، ولم تتعود عليها، وأهملت الضمانات الأمنية للحلفاء في الشرق الأوسط، فإن ذلك من شأنه أن يقوض مصداقيتها أيضاً في المحيط الهادئ، والسبيل الوحيد أمام هذه الإدارة أن تضع خيارات حقيقية أخرى، ومن ضمنها العمل العسكري، وأن تأخذ أمن حلفائها ومصالحهم في الحسبان، لا سيما أنها غير مضطرة للركوع أمام النظام الإيراني، وإن تم ذلك، سيكون من الصعب النهوض مرة أخرى، وعندها تقديم الاعتذار للحلفاء يكون قد فات أوانه.