المرأة بنت الحياة المخلصة.. أودع الله، جلّ جلاله، فيها عظمة الأمومة وحنانها العميق وحنينها للنسل وقدرتها العجيبة على رعاية الطفل والعناية به وهي جذلى راضية، مضحية وافية، تُضحي براحتها وروحها في سبيل صحة طفلها والحفاظ عليه وتقديمه على نفسها في كل ما ينفعه.. الطفل قلما يعيش في رعاية الرجل وحده، لكنه بإذن الله يعيش وينمو ويجد تلبية كل حاجاته في رعاية المرأة وحدها.. الأم شيء نادر في هذه الدنيا قيمة.. وإخلاصًا.. رحمة وفاء.. تضحية وعطاء.. شيء لا يوصف.. أمي لها بالجوف و القلب منزله مكانه ما كل محبوب نالها والمرأة تعاني من آلام الحمل والولادة والمخاض ما لا يتحمله جبابرة الرجال، ملايين النساء متن وهن يلدن، هاتوا رجلًا واحدًا فعل ذلك؟ ورغم هذا تُعيد الحمل والولادة عدة مرات.. لأن ربنا العظيم أودع فيها من غريزة الأمومة وحب أولادها ما لا يخطر على قلب بشر.. ويستمر دور الأمهات في رعاية أولادهن ما بقي فيهن حياة، إنّ أعظم المعارك هي التي خاضتها الأمهات في سبيل نجاة ونجاح الأولاد.. جهاد مدى الحياة.. ويمتلئ تراث البشرية وموروثها بتمجيد دور الأم وتصوير بعض ما يحتوي عليه قلبها الكبير من حب ورحمة وحنان.. ومن تضحيات كبرى متواصلة مستدامة في سبيل راحة وسعادة ونجاح أولادها، ورغم ذلك يظل بتراثه وموروثه عاجزًا عن الجزاء والوفاء والتقدير، اللهم إلا في ديننا الإسلامي الحنيف الذي تتلألأ آياته الكريمة وأحاديثه الشريفة بتلك المعاني النبيلة المعجزة السامية: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُُ) سورة لقمان الآية 14.. فشكر الوالدين عامةً والأم خاصةً يأتي بعد شكر الله عز وجل مباشرة ومضافًا إليه فهل هناك أعظم من ذلك؟ وفي الحديث الشريف: (الجنّة تحت أقدام الأمهات).. فإذا كانت جنة الآخرة كذلك فإن جنّة الدنيا أولى.. لا يوجد ينبوع من الحب الأزلي كما يوجد في قلب الأم.. ولا أصفى ولا أنقى وأبقى.. والأم بهذا النبع تجعل الحياة أجمل وأرقى.. إنها لا تنثر الورد في طرقاتنا والعواطف السامية في قلوبنا والسلام في حياتنا فقط ولكنها أيضًا تفتح أمام أولادها أبواب النجاح وتجعلهم يعشقون الكفاح.. فإذا كان الرجال يصنعون المال فإن النساء يصنعن الرجال.. فأعظم المعاناة والمعارك التي خاضها البشر في التاريخ والدنيا معاناة ومعارك الأمهات لحياة وصلاح ونجاح الأبناء والبنات. ومن مأثورات الشعوب في الأم: (كفى المرأة شرفًا أنها تحمل شرف الأمومة) (هي في الشعب نصفُه، وهي أُمٌّ لبنيه، وقوةٌ سحريّة) (الأم أستاذ الأساتذة الأُولى شملت مآثرهم مدى الآفاقِ) (اليد التي تهز المهد قادرة على هز العالم) ولي أمٌ حَنُونٌ أرضعتني لبانَ الحب من صَدْر أحنِّ على بسمَاتِها فتحتُ عيني ومن لَثماتِها رويتُ سِنِّي كما كانتْ تُناغيني أُناغي وما كانتْ تُغَنيني أُغَني * سَقاني حُبُّها فوقَ احتياجي ففاضَ على الوَرى ما فاضَ مني (الشاعر القروي) والأم كالوطن يظل وجودها الأمان والحنان والإخلاص، وجهها أجمل الوجوه وحضورها آمن الحضور، والحب لها جزء من صميم الوجود، والحنين لكل ما تعمل مخزون في عطر نادر لا يوجد إلا عندها: أحنُّ إلى خبز أمي وقهوة أُمي ولمسة أُمي.. وتكبر فيَّ الطفولةُ يوماً على صدر يومِ وأعشَقُ عمرِي لأني إذا مُتُّ أخجل من دمع أُمي ! (محمود درويش ) أمي و أنا بوصف لها زود حبها وإن ما حكيت لها قصيدي حكى لها أمي لها بالجوف و القلب منزله مكانه ما كل محبوب نالها أقرب من ظلالي و أنا وسط غربتي و أنا تراي أقرب لها من ظلالها ما شافت عيوني من الناس غيرها ولا خلق رب الخلايق مثالها أغلى بشر في جمله الناس كلهم و أكرم من إيدين المزون و همالها أتبع رضاها و أرتجي زود قربها واللي طلبته من حياتي و صالها الصدق مرساها و الأشواق بحرها و العطف واحساس الغلاء راس مالها أهيم فيها وابتسم يوم قلبها يسأل وأنا قلبي يجاوب سوالها و إن طلبتني شيء فزيت مندفع أموت أنا و احمل تعبها بدالها أصبر على الدنيا والأحزان والتعب وأحمل على متني فطاحل جبالها و أسهر و أعذب راحة القلب بالشقى و أعيش أعاني بس يرتاح بالها (حامد زيد) نهر من الحنان لا ينقطع دعاء الأم لا يتوقف للأبناء