إشارة: نَدِمَ الْبُغَاةُ وَلَاتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ وَالْبَغْيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيهِ وَخِيمُ لست أدري أي دمع يفي! لا أعرفها، ولا أعرفه، لكن تناهى لسمعي خبرها فملأني شعور كأنما هي ابنتي، أو كأنما هو ابني. شابان في عمر الزهور، جمعتهما سنة الله ورسوله، لم يمضِ على شهر العسل سوى بضعة شهور، عاشا حياة ملؤها المودة والرحمة، لكن فجأة حدث بينهما خلاف بسيط كما يحدث بين أي زوجين يتقاسمان حلو الحياة ومرها. غضب الزوج وأخذ جانبًا؛ ولا يهتم لها ولا بها، يخرج صباحًا ويعود في المساء، دونما سلام ولا كلام، وزوجُهُ؛ الشابة الصغيرة بحثت مطولًا في ذلك الخلاف الذي تسبب بكل هذا، فلم تجد أنها فعلت ما يستحق كل هذا الزعل، ولم تدر كيف تتصرف، فما كان منها إلا أن التزمت الصمت؛ علها تجد طريقة لإنهاء ذلك الخلاف وإرضائه. مضى بعض الوقت على هذه الحال؛ قسوة الإهمال من جانبه، ومرارة الصراع من جانبها، وكلنا يعلم تأثير هكذا أمر عليها وعليه. بعد بضعة أيام شعرت الشابة بالمرض، فانتظرت عودة زوجها إلى البيت، وحين حضوره جمعت قواها ووقفت في استقباله والألم يعتصرها، ثم هامسته بصوتها المنهك قائلة: "أنا مريضة"، إلا أنه لم يكترث لها؛ ظانًّا أنها ليست صادقة كما لو أنها تستعطفه ليبادر هو بالتقرب إليها، أهملها تمامًا وخلد إلى النوم، وحينما استفاق من نومه صباحًا وجدها جثة هامدة. فراح يضرب وجهه بكفيه، ويصرخ ملء صوته، وبنحيبه يقول: أنا السبب، لقد أخبرتني أنها مريضة ولم أصدقها. وبالفحص عن سبب الوفاة، تبين أنها أصيبت بجلطتين متتاليتين في تلك الليلة. لقد ماتت. وهنا أهمس إلى هذا الزوج الشاب وإلى أمثاله بالإشارة أعلاه، قائلًا: نعم، عُضَّ أصابع الندم ولات ساعة مندم، لقد جنيت على زوجك بإهمالك لها، بقسوتك عليها، وإني لأؤكد أن السبب -مهما كان عظيمًا- فهو لا يستحق كل ذلك الإهمال. وهأنذا أبرق بها رسالة، أو لأقل صرخة، إلى كل زوجين؛ وعلى وجه الخصوص إليك أنت يا آدم؛ فزوجُك أمانة في عنقك، زوجُك يا آدم وردة بين يديك، وأنت مسؤول عنها، فإياك أن تذوب أمام عينيك. * عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين