فشلت الأسبوع الماضي جهود الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ بقيادة السيناتور "تيد كروز" في إقرار مشروع عقوبات ضد مشروع الغاز الروسي المعروف باسم "نورد ستريم 2"، كانت حصيلة التصويت النهائية 55 مقابل 44 أقل من 60 صوتًا اللازمة لتمرير القرار وفرض العقوبات. "نورد ستريم 2" هو خط أنابيب الغاز تحت البحر يمتد من روسيا إلى ألمانيا من شأنه أن يعزز الاقتصاد الروسي ويمنح موسكو نفوذًا هائلاً على أوروبا، ليس هذا فقط وإنما يضعف كذلك اقتصاد أوكرانيا وبولندا نظرًا لكون هذا الخط يمكن روسيا من تجاوز رسوم العبور ونقل الغاز عبر هذين البلدين، اللذين بحاجة ملحة لتعزيز اقتصادهما وقدراتهما الدفاعية لتصدي أي عدوان من قبل روسيا. إدارة الرئيس بايدن وحلفاؤها في الكونغرس يدافعون عن موقفهم ويجادلون بأن التشريع لن يفعل الكثير أو يغير الواقع؛ لأنه تم تنفيذ هذا الخط وأصبح أمرًا واقعيًا في مواجهة النفوذ الروسي. وهذه الحجة واهية، ويتمثل السبب في أن روسيا أعلنت عن هذا الخط في عام 2011 أي عندما كان الحزب الديموقراطي بقيادة أوباما يسيطرون على البيت الأبيض، وبالرغم من ذلك لم تتدخل أميركا لمنع المشروع في مهده! وهذا يعد شاهدًا على أن بايدن مجرد امتداد لأوباما. ومن جانب آخر تجادل إدارة بايدن بأن العقوبات ستؤثر سلبًا على العلاقات بين الولاياتالمتحدةوألمانيا، التي دافعت عن خط الأنابيب باعتباره حيويًا لنجاحها الصناعي، وفي هذا السياق قال السناتور كريستوفر مورفي، ديموقراطي من ولاية كونيتيكت: "إذا تم تمرير هذا القانون فسيكون سببًا في انفصالنا عن حلفائنا الأوروبيين في الوقت الذي نحتاج فيه إلى التضامن معهم لردع العدوان الروسي". وهذه الحجة باعتقادي تتناقض جملة وتفصيلاً مع تحقيق المصالح الأمنية المشتركة لأعضاء حلف الناتو، وتحدث صدعًا كبيرًا في مفهوم المصير المشترك، ويؤكد على ذلك ما قاله زعيم الأقلية السناتور الجمهوري ميتش مكانيل: "إن خط الأنابيب بحد ذاته هو مصدر الخطر وبيت القصيد، هذا هو هدف بوتين، فصل أوكرانيا عن أوروبا وجعل أوروبا أكثر اعتمادًا على الغاز الروسي". وحول موقف إدارة بايدن من هذه العقوبات قال صاحب المشروع السيناتور كروز: "البيت الأبيض يضغط بشدة على الديموقراطيين، ويطلب منهم الوقوف إلى جانب حزبهم على حساب حلفائنا، وعلى حساب أوكرانيا، وعلى حساب الأمن القومي للولايات المتحدة". "أود أن أقول إنه لو لم يكن جو بايدن رئيسًا، وكان دونالد ترمب جالسًا بدلاً عنه في المكتب البيضاوي اليوم، فإن كل ديموقراطي في هذه الغرفة سيصوت لصالح هذه العقوبات". ويعود حديث السيناتور كروز بالذاكرة لموقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عندما انتقد ألمانيا خلال قمة الناتو في عام 2018 بسبب استيرادها الكثير من غازها من روسيا، بينما تتوقع أن تدافع الولاياتالمتحدة مقابل حمايتها من روسيا. هذه السياسة الاحتوائية للأزمات من قبل إدارة بايدن تشكل خطرًا كبيرًا على الأمن في كثير من مناطق التوتر والصراع، ولعل أبرز شاهد على ذلك تراجع الرئيس بايدن عن قرار إدارة ترمب بشأن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، ومنذ ذلك الحين صعد الحوثيون من هجماتهم ضد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي يؤكد على فشل هذه السياسة وخطرها على الوضع الأمني المظلم في أوكرانيا.