تتطلب مبادرة التحول من حياة إلى أخرى أن أعود خطوات للماضي أنبش في ذكرياتي وأستعرض أهم المواقف والأحداث والأشخاص الأكثر انطباعاً وتأثيراً في حياتي فيما يختص بجانب التغيير المزمع تنفيذه. كانت العودة أدراجاً أكثر صعوبة مما تخيلت، رأيتهم أمامي يمثلون بأنفاسهم رائحتهم وحتى لمساتهم وأصواتهم، كنت أنتقل في الدُور والأماكن وحتى المكاتب وكأنني أسير فعلاً في أرجائها وبين جدرانها، لم أحتمل صدمة أنهم رحلوا جميعاً وبقيت ذكرياتهم تطبع بصماتها في عقلي المختبئ، وتعيد بث أفعالهم وقناعاتهم في نهجي وسلوكي حتى في تخطيطي لاستراتيجيات معطياتها لم تكن موجودة لديهم أصلاً! الذي نعرفه ويعيه الجميع أننا عندما نحب أشخاصاً نتخذهم قدوة ونفعل كما كانوا يفعلون، ولكن الحقيقة العلمية اللافتة هي أن حتى (من نكرههم) مع التحفظ على هذه الكلمة -لأنه لا فائدة من أن تثقل نفسك بمشاعر الكره فهي تؤذيك وحدك- أقول أو حتى أولئك الذين لا نتفق معهم فنحن نبدو نشبههم! تلك المؤكدة المثبتة تقول مادام أنهم في تفكيرنا ونعطيهم من مشاعرنا فلا عجب إن كنا نتصرف بسلوكياتهم ونستنسخهم بكوننا أشباهاً لهم. ربما يعتقد البعض أن الحل هو أن نحيّد مشاعرنا فلا نحب ولا نكره هذا صحيح ومن يجرب للمرة الأولى سيجد صعوبة في التطبيق وكأنه يبدو شخصاً آخر لا يعرفه.. المعنى الأعمق هو أن تتقبل كل ما حولك وتتصالح معه بتصالحك مع نفسك وليس بالضرورة أن تكون مقتنعاً بهذا الآخر أو متحمسا له، استرخِ قليلاً وتنفسْ بعمق أغمضْ عينيك وتحدث إليهم أحبابك وخصومك أيضاً تقبلهم بأن تلك كانت خياراتهم وليس خيارك الذي تتحمل نتائجه وتكون مسؤولاً عنه، ثم ودعهم بسلام وأبقِ على من تحب بلا شروط أو قيود، أطلق من داخلك وتفكيرك من يزعجك، ركز على أنت وأنت فقط وستعجب من النتائج المبهرة ستجد أنك تستشعر لذة مشاعر الحب والامتنان وتنتشي بطاقة التسامح ستعرف المعنى الحقيقي لراحة البال وأنت تنظف بطريقة لا واعية كل المشاعر السلبية والعراقيل المؤخرة والحائلة دون أكثر أهدافك تصويباً ستكتشف كيف أنك تحقق ما تريد دون عناء أو مجهود يضني، بل بكل استمتاع وطمأنينة هذا لأنك تواصلت مع ذاتك بلا وسائط.