ما أؤمن به أن الكتابة التي لا تكون بدم الإنسان ليست بكتابة أو قد نسميها شيئاً آخر خارج إطار هذا الفن، والمقصود بدم الإنسان روحه وكل شبكات اللغة الإنسانية وكيانه الصلب الممتد، وما يتوفر عليه من بنية تؤهله للكتابة وغيرها المتجلي. أما عني وعن تجربتي في السرد فإنني أحس بها عميقة، وكأنها ولدت معي وبي، وكأن تاريخ العائلة المعرفي وهي عائلة طبعاً تحب الأدب والفن والإبداع وتهيم فيه حباً ومجداً وكرامة، فقد ورثنا الحكي عن أجدادنا وأهلنا؛ فتاريخ العائلة فيه الحكي والسرد بما يكفي، وبمقاربة نوروسيكولوجية، مقاربة وراثية وجدت أن الخلايا المهتمة والضامنة لمجال السرد متطورة عندي والحمد لله، فبدأت أكتب القصة منذ نعومة أظافري، في البداية كتبت نوعًا من القصة، لا أدري هل هي خواطر؟، هل هي شعر؟!، هل هو تعبير فقط؟!؛ ولكن سرعان ما وجدتني أكتب القصة، تلك القصة التي تقولني كابتسام البقمي. كتابة السرد عندي لم تكن نزوة أو شعوراً عابراً فقط، بل كانت إحساساً عميقةً. كلما أحسست بضيق أكتب وأكتب فأرتاح، لم أكن أفهم في البداية أن الكتابة هي تنفيس عن معاناة الإنسان الداخلية، التي قد لا يفهم من أين أتت، ولا من أين ولدت، ولا من أين جاءت؛ ففهمت فيما بعد ومن خلال دراستي السيكولوجية أن الكتابة هي تحويل من موضوع إلى آخر، من بنية إلى أخرى، البنية الأولى بنية اللاشعور التي تحمل كل معاناتنا، كل همومنا، كل صدماتنا، كل المكبوتات الموجودة لدى الإنسان، ومن خلال الكتابة نحولها من اللاشعور إلى الشعور تحويلها إلى الأنا والأيكو، تحويلها إلى موضوع كله إيجابي، تحويلها لموضوع أخر يبعد كل السلبيات الموجودة في اللاشعور، ويعطينا هرمون السعادة الدوبامين، والسيروتونين، والميلوتونين، يصبح الدماغ يشتغل بشكل جيد جداً، ويصبح الإنسان سعيداً. هذا حال الكتابة عندي، فأنا إذا صح القول أمارس فعل التسامي عبر الكتابة، حينما أتعب أكتب، وعندما أكتب يتحقق لدي شرط الفرح والحبور والسعادة، صدقاً أقولها كأنثى، وهذا ما أنصح به كل الأصدقاء الذين لهم عمل إبداعي. * قاصة سعودية