تعمل المملكة العربية السعودية على أن يكون قطاع التعدين الوجهة الأكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية، بتطبيق مبادئ الشفافية وأمن الحيازة على النحو المنصوص عليه في نظام الاستثمار التعديني الجديد، وإلى تسهيل رحلة المستثمر التعديني باستحداث "منصة تعدين" الرقمية بالكامل، التي تتيح للمستثمر الحصول على جميع الخدمات المطلوبة، إضافة إلى تقديم عدد من حوافز الاستثمار، من بينها، "التمويل المشترك لما يصل إلى 75 %، من أي استثمار جديد، وخصم يصل إلى 90 %، لمبيعات مشاريع الصناعات التحويلية المحلية ودعم المحتوى المحلي، إضافة إلى إيجاد الفرص الوظيفية للمواطنين في مشاريع التعدين الجديدة. ونفذ خلال العقود الماضية عدد من عمليات الاستكشاف المكثفة في موقع الخنيقية، وإجراء ثلاث حملات استكشافية، وحفر أكثر من 100 ألف متر، إضافة إلى بناء نموذج جيولوجي ثلاثي الأبعاد طورته مؤخرا، التي نتج عنها تحديد أربعة أجسام متمعدنة منفصلة غنية بالنحاس والزنك في موقع الخنيقية، الذي يصل عمره الافتراضي إلى 15 عاما من الإنتاج. الركيزة الثالثة للصناعة وفي هذا الشأن قال الاقتصادي فهد شرف، تطوير قطاع التعدين باعتباره الركيزة الثالثة للصناعة في المملكة من خلال تعظيم قيمة الموارد المعدنية، وتعزيز حضور عملاق التعدين السعودي عالمياً، وأشار شرف، وتهدف وزارة الصناعة والثروة المعدنية إلى النهوض بقطاعي الصناعة والتعدين، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، تماشياً مع رؤية المملكة 2030، التي اعتمدت هذين القطاعين كخيارين استراتيجيين لتنويع الاقتصاد الوطني، ورفع مساهمتهما في الناتج المحلي الإجمالي، وذلك عبر تنفيذ مبادرات برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030)، والذي يهدف إلى تحويل المملكة كقوة صناعية وتعدينية رائدة، ومنصة عالمية للخدمات اللوجستية. وأوضح شرف، يهدف نظام الاستثمار التعديني الجديد ولوائحه التنفيذية، الذي وافق عليه مجلس الوزراء ويحتوي على 63 مادة، وعملت على تطويره وزارة الصناعة والثروة المعدنية، مع الجهات الأخرى ذات العلاقة، وبالتعاون مع عدد من بيوت الخبرة العالمية المتخصصة في مجالات التعدين، إلى تعزيز الشفافية والاستدامة في قطاع التعدين، وحماية البيئة وتنمية المجتمعات المحلية، وخلق الفرص الوظيفية المتنوعة للمواطنين، وكذلك تطوير الخدمات التي تُقدّم للمستثمرين، السعوديين والدوليين، في مجال التعدين، وتوضيح وتيسير متطلبات الترخيص والأعمال لهم، بحيث تُسهم أعمالهم في تنمية القطاع، وحماية البيئة، والتنمية الاجتماعية، ورفع مستوى سلامة العاملين، وتعزيز استدامة أعمال القطاع، وبالتالي دعم توجهات المملكة الرامية إلى استغلال ثرواتها المعدنية، وتطوير الصناعات المعدنية فيها، على الوجه الذي يؤدي إلى زيادة إسهام هذا القطاع الحيوي في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، وجعله الركيزة الثالثة للصناعة في المملكة إلى جانب صناعتي النفط والبتروكيميائيات. وبدأت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عمليات الاستكشاف أخيرا، حيث أكدت الإمكانات الجيولوجية الكبيرة لخامات الزنك والنحاس في المملكة، التي تعد من المعادن المهمة لقطاع الطاقة العالمي، فمن المتوقع أن يصل الطلب على النحاس إلى 3.5 ملايين طن سنويا بحلول 2030، كما سيتضاعف الطلب على الزنك من صناعات الطاقة الشمسية فقط إلى 160 ألف طن بحلول العام نفسه. وتعمل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية على مبادرة الاستكشاف المسرع، التي تعد إحدى مبادرات برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية "ندلب"، وستساهم في تعزيز حجم الاستثمار في مجال التعدين وتسريع عملية الاستكشاف، إضافة إلى جذب المستثمرين المحليين والأجانب للاستكشاف في المملكة، وإجراء المسوحات والتقييم للمعادن الاستراتيجية، وكذلك استكشاف وتطوير المواقع الواعدة لتدريب وتطوير الكوادر المحلية لبناء قطاع الاستكشاف. وستعمل المبادرة على توفير دراسات استكشافية تفصيلية للرواسب المعدنية ودراسات متقدمة لمواقع مستهدفة لإمكان طرحها فرصا استثمارية وإيجاد كفاءات جيولوجية معتمدة لتنفيذ مراحل الاستكشاف، حسب المعايير العالمية لتقييم الاحتياطيات التعدينية مثل: الJORC، إضافة إلى إنشاء دليل لإجراءات عمليات الاستكشاف حسب المعايير العالمية المعتمدة، كما ستسهم في تعظيم القيمة المتحققة من قطاع التعدين والاستفادة منه بزيادة الإنفاق على الاستكشاف، وتنامي شركات الاستكشاف الصغيرة والمتوسطة والمسهمة في زيادة حجم الإنفاق والاستثمار في الاستكشاف المعدني، حيث فرز في الوقت الحالي وصنف 54 موقعا واعدا، والعمل جار على تطوير 20 موقعا واعدا خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وتهدف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار إلى رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال سنوياً، وزيادة الاستثمار المحلي ليصل إلى حوالي 1.7 تريليون ريال سنوياً بحلول عام 2030م. وبتحقيق هذه المستهدفات، من المتوقع ارتفاع نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 22 % في عام 2019م إلى 30 % في عام 2030م، الأمر الذي سيُسهم في نمو الاقتصاد السعودي ليصبح من أكبر 15 اقتصاداً على مستوى العالم، وستدفع هذه الاستراتيجية بالاستثمار في المملكة للأمام بوتيرة أعلى وخطى أسرع، من خلال تحسين بيئة الاستثمار، وزيادة جاذبيتها وتنافسيتها، وتنفيذ إجراءات تصحيحية جوهرية على مستوى الإطار التنظيمي والتشريعي، وحصر وتطوير الفرص الاستثمارية وعرضها على المستثمرين، وتوفير حُزم من الحوافز للمشروعات الاستثمارية النوعية، وجذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية إلى المملكة، إضافةً إلى دعم استثمارات وأعمال الشركات الوطنية، لتعزيز مكانتها الدولية، وتمكينها من إيصال وترسيخ استثماراتها ومنتجاتها وخدماتها في الأسواق الإقليمية والعالمية، بكفاءة وتنافسية عالية. جدير بالذكر أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية، قد دشّنت مؤخرا مبادرة "الاستكشاف المسرع"، معلنة عن طرح أول رخصة للتنقيب عن المعادن في موقع الخنيقية التابع لمحافظة القويعية في منطقة الرياض، وذلك تماشيا مع أهداف "رؤية 2030" وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية "ندلب" باستغلال الفرص الكبيرة لإمكانات قطاع التعدين، ليكون الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية. ويعد إطلاق هذه المنافسة يعد نقلة نوعية نحو رحلة استغلال الموارد المعدنية الهائلة في المملكة من خلال نظام الاستثمار التعديني ومبادرة الاستكشاف المسرع، كما يمثل هذا المشروع أمرا بالغ الأهمية، ولا سيما في تطوير موقع الخنيقية، وإيجاد الوظائف المباشرة وغير المباشرة لأبناء المناطق المحيطة، وتطوير صناعات الزنك والنحاس في المملكة، وخطوة تأتي بهدف استكمال عملية منح التراخيص الحالية، التي حددها نظام الاستثمار التعديني الجديد، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية "ندلب" الهادفة إلى جذب الاستثمارات النوعية في قطاع التعدين وزيادة الإنفاق على عمليات الاستكشاف، وأن طرح رخص الاستكشاف بالمنافسة ستمكن المملكة من تحديد شركاء الاستكشاف الأنسب لتحقيق النمو والاستثمار على المدى الطويل في قطاع التعدين، كما أن هذه الخطوة ستمكن من تزويد المستثمرين المهتمين بالبيانات التفصيلية الخاصة بالمشاريع المختارة في الوقت نفسه، مبينا أن هذه المبادرة تؤكد حرص الوزارة على تعزيز الشفافية في القطاع، وإتاحة الفرص بكل شفافية على حد سواء أمام المستثمرين في قطاع التعدين. تعزيز حجم الاستثمار في مجال التعدين وتسريع عملية الاستكشاف