في يوم «17 نوفمبر 2021» توفيت الفنانة (الشعبية) حياة الصالح، وحقيقة لا أعرف لماذا يسمون الفنانات اللائي عرفن عن طريق إحياء الزواجات بالشعبيات؟! فما يقدمن من أنواع غنائية ليس لها صلة بالفن الشعبي إلا حين يغنين بعض أغاني التراث؟ هذا المسمى أطلقه البعض لاستبدال كلمة (طقاقة) التي يرى فيها الكثير أنها مهينة وانتقاص للفنانات، عموماً ليس حديثنا اليوم عن مفهوم الفن الشعبي ومتى يفترض أن يقال عن الفنان / الفنانة إنهم شعبيون. عودة لوفاة الفنانة حياة الصالح، لقد تواصلت معها عام «2019» لأطلب منها المشاركة في حفل عن الفنانة الراحلة عتاب، كنت أنوي تنفيذه، واخترتها تحديداً بحكم الصداقة القوية التي تجمع بينهن منذ السبعينات الميلادية، حيث كانت حياة ترافق عتاب في حفلات الزواج كعازفة للعود، وقد وجدت لديها ترحيباً عالياً جداً بالمشاركة، لاسيما أن حياة بدأت تعود للغناء وظهرت أكثر من مرة برفقة عودها على الشاشات التلفزيونية تغني بعض أغانيها التي كتبتها ولحنتها، وكان لديها رغبة عالية أن تشارك في الاحتفالات الغنائية التي نشطت في السعودية، وأن تعطى فرصة التواجد على المسرح مثلما أعطي زملاؤها الرجال، الذين أعادتهم هذه الحفلات إلى الواجهة بعد غياب سنوات طويلة، عاد معهم الحنين والشجن وذكريات الماضي، علماً أن جمهور هؤلاء الفنانين ليسوا فقط أبناء جيلهم بل رأيتهم بعيني من كل الأعمار حتى من هم في العشرينات شباباً وشابات مما يؤكد حضور وتمدد ثقافة الرعيل الأول حتى اليوم في الأذن المحلية. دار بيني وبين حياة الصالح أحاديث كثيرة ومتنوعة حول عتاب والفن النسائي في فترة السبعينات وحتى اليوم والعقبات التي كانت تواجه الفن الغنائي والمرأة بشكل خاص في هذا المجال، كما تطرقنا لكثير من المعلومات التي لا يعرفها الجمهور عن حياة الفنانة عتاب، ووعدت بأن تعلنها في ليلة الاحتفاء، مع مشاركة عدد من الشخصيات النسائية الفنية اللائي تواصلت معهن بترشيح من منها شخصياً وأبدين استعداداً وموافقة على المشاركة، رغم أن إحداهن وهي الأقرب لعتاب كانت ترفض رفضاً قاطعاً الخروج مع أي وسيلة إعلامية، فهي أكثر منذ عشرين سنة لم تمسك العود، إلا أن حياة الصالح - رحمة الله عليها - تولت إقناعها. كان مشروع حفل الاحتفاء في الفنانة عتاب بعد ما رأيته من حفلات احتفاء وتكريم للفنانين الأموات منهم والأحياء، فطلبنا بشكل رسمي من هيئة الترفيه عبر مؤسستنا تنفيذ حفل تكريم لعتاب بعد أن ضمنا المشاركات اللائي كن غائبات تماماً عن الساحة.. للأسف ماتت حياة الصالح وغادرت عالمنا والمشروع لا نعرف مصيره. لا أعرف حتى اليوم ماذا أفعل بالمعلومات التي حصلت عليها وعرفتها لأول مرة من حياة ومن الفنانات اللاتي تواصلت معهن، قد يأتي يوم وترى النور بطريقة ما، ولكن الأكيد أن هناك الكثير الذي يستحق أن يظهر للجمهور. دائماً لدي هاجس التاريخ ورغبة في معرفة تطورات الأمور، فيما يخص الحياة الاجتماعية السعودية، حيث أرى أنها كنز لم يكتشف بعد، لذا لدي مساعٍ جادة لتوثيق بعض الفنون النسائية، حتى لا تكون حبيسة ورق أو تسجيل، قدمنا مشروعاً متكاملاً للتلفزيون السعودي في هذا الجانب ورغم ترحيبهم بالفكرة إلا أن «التجاهل» هو ما تبع الترحيب! حزنت وأنا لم أر خبر وفاة حياة الصالح مع سرد لمشوارها الفني في أي وسيلة إعلامية، لا أعرف هل هناك من استعرض شيء من حياتها ولم نره؟! كثير من البرامج والأنشطة التي تهتم وتسعى لتسليط الضوء على الفنانين من الأجيال السابقة من الفنانين الغنائيين وتسجيل مواقفهم والصعوبات التي واجهوها وأمنياتهم في المستقبل في ظل الثورة الثقافية والترفيهية التي نعيشها اليوم والتقدير والحفاوة التي يحظى بها الفن، ولكن هذه المساعي لم تلتفت للجانب النسائي إلا للأسماء المكررة والمعروفة، مع كامل الاحترام لأشخاصهن ولكن هناك عشرات لديهن الكثير مما يستحق الظهور، مثلما لدينا فنانون رجال ساهموا في إثراء الأغنية السعودية، هناك أيضاً فنانات ساهمن في بناء العمل الفني الغنائي، وكثير منا لا يعرف نوع هذه المساهمات لأنهن حبيسات فكرة اجتماعية أنها (طقاقة) تحيي حفلات الزواج فقط. ألبوم شقاوية -1419- للفنانة الراحلة حياة الصالح