كانت «طروف» الشهيرة ب»عتاب» تهوى الغناء في كل الأوقات كالطير المغرد، وأحبت منذ صغرها تقليد الفنانات المصريات، تغني بالمدرسة وتنشد الأناشيد الصباحية، واقترحت عليها معلمتها تغيير اسمها من طروف إلى اسم يحمل إيقاع الجمال والنغم، وطلبت من زميلاتها بالفصل، أن ترشح كل واحدة منهن اسماً فنياً يليق بزميلتهن طروف، فتعددت الأسماء وتناثرت حتى جادت إحداهن باسم عتاب. أعجبت المعلمة بالاسم، وأصبحت (طروف) من يومها معروفة باسم (عتاب). حضور لافت توالت بعدها المناسبات الغنائية، فأصبحت عتاب وهي في سن مبكرة، تغني في الأفراح والمناسبات الخاصة بالنساء في مختلف أطياف المجتمع، وكانت دائماً ما تشاركها العزف على آلة العود الفنانة (سارة عثمان) أو الفنانة (حياة الصالح)، وكانت تحب أن تغني بشكل استعراضي لافت جعلها محبوبة لدى سيدات المجتمع السعودي، في حفلات النساء الخاصة في الرياضوجدة والطائف. دعم طلال بحكم أن الرجال لا يستطيعون الدخول على النساء والغناء، قامت عتاب بهذه المهمة وأصبحت تغني أغاني الفنانين مثل طارق عبدالحكيم وطلال مداح ومحمد عبده بعد الاستئذان منهم في الحفلات والمناسبات النسائية. استمع طلال مداح إلى عتاب وتوسم بها خيرا في الغناء، وأوصى بمراعاة موهبتها، وتشجعت للذهاب إلى الكويت وهي لم تتجاوز الثالثة عشرة من عمرها، وغنت في برامج الأطفال، وحققت نجاحا في إذاعة الكويت حتى أصبحت معروفة على نطاق الخليج. يعني كيف بعد التقائها في جدة ب(طلال مداح) و(عمر كدرس) و(فوزي محسون) عام 1964، اصطحبوها معهم في السبعينات الميلادية إلى بيروت لتسجل iناك عددا من الأغاني وتقيم عددا من الحفلات، ومن هنا بدأت معرفة العالم العربي بها. حملت أولى أغانيها الخاصة عنوان (لا يا بنت) من ألحان (فوزي سيموني) وذلك عام 1966. ظهرت بالتلفزيون الكويتي وهي تغني (يعني كيف) بأسلوب الدويتو مع حيدر فكري، وأيضا تغنت في الجلسة نفسها بأغنية (الله حسيبك)، و(ودعتك الله يا مسافر)، كان حيدر يرافقها بالعزف على آلة العود، إضافة لغنائها في (حفلات سينما الأندلس)، وصورت عدة أغانٍ لتلفزيون الكويت. الرقص النسائي كانت الانطلاقة القوية لعتاب عربيا حينما غنت في حفل أحياه عبدالحليم حافظ، بفترة الاستراحة للعندليب، لتقدم ألواناً من الموروث الشعبي السعودي، هي وفرقتها السعودية النسائية التي كانت تشاركها، فكشفت النقاب عن فن الرقص النسائي السعودي، لتنال إعجاب الحاضرين بمن فيهم العندليب الأسمر، ولحسن حظها أن الحفل كان منقولا على الإذاعة والتلفزيون المصري مباشرة، ما ساعد في انتشارها بمصر في تلك الفترة وجذب إليها متعهدي حفلات القاهرة في ذلك الوقت. الاستقرار في القاهرة أصبحت الفكرة تتأرجح في ذهن الفنانة (عتاب) بأن تستقر بأرض الكنانة، بعد نجاحها الكبير في مصر، وبعد أن تهافت الجمهور عليها، وبدأت الفكرة تتركز أكثر فأكثر بعد أن تزوجت من زوجها الثاني المصري (محب فاروق)، لتكمل بعدها مشوارها في الطرب والغناء في القاهرة، وتأتي الأغنية التي أطلقتها في عام 1981 بعنوان (مجاريح) للشاعر الملقب ب(سعودي) وألحان (سليمان الحماد) التي وصفت فيها كل معاني الألم. ألحان مصرية بدأت عتاب بالتعاونات الكبيرة في مصر، حيث تعاونت مع ملحنين وشعراء، فغنت من ألحان محمد الموجي قصيدة (فك القيود) وأغنية (لو فات الأوان) وكادت تتعاون مع محمد عبدالوهاب الذي استمع إليها وأعجب بصوتها لولا أن رحيله أوقف ذلك. لم تقف عتاب على أعتاب الغناء فقط في مصر، بل أخرجت كل ما لديها من مواهب أخرى كالتمثيل والاستعراض (الرقص) وساهمت في إنشاء المسرح الذي طالما كانت تحلم به، وافتتحت أول مسرح غنائي في (شارع الهرم) بالقاهرة والذي حمل اسم (مسرح عتاب)، كما ساهمت في الحركة الدرامية، حيث قدمت 3 مسلسلات استعراضية من بطولتها (عتاب شو)، و(عتاب في مدرسة البنات)، و(عتاب في الفضاء)، وشاركها التمثيل نخبة من أشهر فناني مصر. إحياء التراث ساهمت عتاب في تقديم التراث السعودي ، كما تمكنت من تعريف المشاهد العربي بمعالم الفلوكلور السعودي من خلال مسلسل (عتاب في مدرسة البنات)، وحقق مسلسل عتاب شو أرقاما قياسية في نقاط البيع، حيث كان يباع بسعرأعلى من سعر شريط الفيديو العادي، وذلك لكثرة الإقبال عليه. المفردة المحلية الأعمال التي قدمتها عتاب مع مبدعي مصر لم تأخذها من مبدعي المملكة والخليج الذين تعاونت معهم، كانت تقاتل في إيصال المفردة الخليجية عربياً، نجحت وقال عنها النقاد إنها فرضت اللهجة السعودية في مصر، وحققت شهرة عربية وهي متمسكة بالمفردة السعودية، وفتحت المجال لظهور أصوات نسائية سعودية أخرى. طرحت عدد من الألبومات غنت فيها لأشهر الشعراء مثل الأمير خالد الفيصل، والأمير بدر بن عبدالمحسن، والأمير خالد بن يزيد والكويتي فائق عبدالجليل، وعبداللطيف البناي، وحسين المحضار، وصالح جلال، وثريا قابل وغيرهم، ومن أبرز الملحنين طلال مداح، طارق عبدالحكيم، فوزي محسون، محمد شفيق، عبدالرب إدريس، سراج عمر، وسلامه العبدالله، وفهد بن سعيد، والكويتي يوسف المهنا. رفض التصوير أول ظهور لها في التلفزيون السعودي كان بالسبعينات الميلادية في مسلسل (حلم كاذب)، أدت فيه دور (جارية عبلة) وهو من تأليف وبطولة الفنان (سعد خضر) الذي أدى دور (عنتر)، وأنشدت في مشهد التقاء (عنتر) وهو على صهوة جواده ب(عبلة) وقالت بصوتها الجميل (ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد). اتصل المخرج سعد الفريح وسأله عن البنت التي غنت في المسلسل فأجابه بأنها (عتاب)، فقال له هل هي سعودية؟ قال له نعم، فقال له إنه لديه فكرة تصوير أغانٍ جديدة للتلفزيون، ويريد أن يصور لها. لم يكن وقتها مسموحا بظهور للمغنيات في التلفزيون ، وبعد التواصل بين المخرج وعتاب أبدت موافقتها للتصوير، وبعد سماعه للأغنية اجتمع بمدير التلفزيون حينئذ (فوزان الفوزان) ومدير إذاعة الرياض (عبدالرحمن الشبيلي) وطلب منهما الموافقة على (أغنية مصورة) ل (عتاب) فأتاه رفض سريع بحكم أنه شيء ممنوع. مغامرة الفريح لم يستسلم الفريح، واستمر في محاولة إقناعهم وعندما لم يستطع اقترح عليهم تصوير وتجهيز الأغنية وبثها لاحقاً عندما يأتي الفسح، واقفوا على المقترح وصورت أغنية (الهجران) وهي تتحدث عن زوجة تنتظر زوجها وهي بكامل حلتها وتأنقها، وفي آخر الأغنية عندما لم يأت زوجها ترمي (عتاب) الطرحة على الأرض، خلف الكواليس (خضر) الذي كان حاضرا التصوير، قال: إن هذا الفيديو لن يوافقوا على بثه وطلب منه (الفريح) عدم التدخل، بعد ذلك ذهب (الفريح) إلى مخرج البث التلفزيوني صباحاً وطلب منه أن يحل مكانه في ذلك اليوم، شكره، وبدأ بث التلفزيون الرسمي عام 1976 بالسلام الملكي والقرآن الكريم واستعراض للبرامج من المذيع (غالب كامل) وفي فقرة للأغاني المنوعة، بث (الفريح) الأغنية وأقفل باب غرفة البث المباشر بالمفتاح، وبدأ مدير التلفزيون وغيره من العاملين يطرقون عليه الباب أثناء بث الأغنية، ولكنه لم يستجب لهم واستمر في بث الأغنية إلى نهايتها، وكانت هذه قصة بث أول أغنية بصوت نسائي من التلفزيون السعودي. طَروف عبدالخير الطلال ولدت عام 1947 في الرياض شاركت في تقديم برنامج جلسة طرب لحساب (أوربت) الفضائية مع الشاعر الكويتي بدر بورسلي. نالت جوائز عربية عدة من أكثر من جهة عام 2003 استقرت بالإمارات لتكون قريبة من والدتها التي تحمل الجنسية الإماراتية آخر زياراتها للمملكة كانت قبل أشهر من وفاتها أصيبت بداء السرطان غادرت إلى القاهرة لتكون وفاتها بعد يوم واحد من وصولها توفت في 19 أغسطس 2007 دفنت بمدينة 6 أكتوبر بالقاهرة