لطالما مثلت سلطنة عمان شرياناً اقتصادياً ومركزاً تجارياً مهماً عبر التاريخ بسبب موقعها المميز جغرافيا فهي تطل على بحر العرب وبحر عمان والخليج العربي في آن واحد، حيث تعتبر مركز ربط تجاري وحيوي لحركة الملاحة البحرية في المنطقة منذ آلاف السنيين. ولعمان تاريخ عريق وموغل في القدم حيث تفاعل الإنسان العماني مع بيئته والبحر ومعطياته وساهم في تصدير العديد من السلع عبر البحور الثلاثة وراجت تجارة البن في عصور متقدمة والتي كانت لها سفن خاصة عرفت بأسطول البن العماني وذلك لتميز موانئها وتعددها وقدرتها الاستيعابية الكبيرة للتصدير والاستيراد بالرغم من عدم انتشار زراعة أشجار البن بها. إن افتتاح معبر بري يربط بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والذي افتتحه مؤخراً ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان -حفظه الله -خلال جولته الأخيرة في دول مجلس التعاون الخليجي يمثل جسراً اقتصادياً مهماً يعبر منطقة الربع الخالي مع ما يمثله من تحدٍ كبير لعملية شق الطريق في منطقة صحراوية شاسعة وممتدة تعد من أشد المناطق وعورة في العالم من حيث كثافة الرمال العالية إلا أن الحلم الاقتصادي والعزم كان هو وقود العمل على إنشاء هذا الشريان الاقتصادي المهم، والذي سوف يساهم في رفع التجارة بين البلدين ويفتح للمملكة العربية السعودية آفاقاً اقتصاديةً كبيرةً تربطهما بالمحيط الهندي مباشرة مما يمهد الطريق لخلق صادرات ممتازة وفرص جديدة وآفاق لتعاون اقتصادي أكبر. حيث إن هذا الحدث يعد مفصلاً كبيراً في توظيف الجغرافيا الخليجية بين البلدين فعمان ليس لديها إطلالة على البحر الاحمر والذي يعد أفقاً جديداً لها، كما أن المملكة العربية السعودية سوف تنفذ عبر بحر العرب إلى الشرق الأقصى بشكل أوسع وأكبر وهو الحدث الذي سوف يساهم في تنويع الصادرات بين البلدين. وكذلك ينمي الحركة التجارية بين البلدين ويهدف إلى تسهيل الحركة بين البلدين فهو يساهم في تقليل زمن المسافة بين البلدين حيث يبلغ طول الطريق 564 كيلومتراً وتعتبر عملية الربط البري بين الدول أحد أسس الشراكة الاقتصادية والتي تساهم بدورها في دعم عجلة التنمية وتساهم في خفض تكاليف النقل بين الدول وخلق فرص استثمارية جديدة. تمثل الكيانات الاقتصادية اليوم محور جذب واهتمام عالمي في ظل المتغيرات التي تطرأ على ساحة الاقتصاد الدولي وصمام أمان للاقتصادات وهذا ما يبرز الحاجة إلى التكتلات الاقتصادية الكبيرة خصوصاً في منطقة الخليج العربي حيث موارد الطاقة العالمية والرئيسة ونقطة تلاقي الشرق والغرب مما يعزز من فرص النجاح لبناء شراكة اقتصادية مستدامة بين الدول الخليجية.