أجمع أكاديميون ومحللون سياسيون على ثقل المملكة العربية السعودية عالميا وقواها الناعمة إسلاميا واقتصاديا وسياسيا مما يحمل الدول الكبرى إلى عدم إهمال أو تجاهل دورها المهم والمؤثر، مؤكدين على وثاقة العلاقة بين الرياض وباريس ونقاط الالتقاء بين البلدين في عدد من الملفات الساخنة كإيرانولبنان واليمن، وما تطمع به فرنسا من دعم سعودي في قضايا عالمية كأزمة المناخ وتقلب أسواق المال والطاقة وغيرها، وفي المجال السياسي قضايا تحتاج إلى مزيد من التشاور بين البلدين الصديقين. علاقات تاريخية قال عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة د. غازي بن غزاي العارضي: تتقاسم السياسة غيرها من المبادئ والقيم وتبقى الثقة والمصداقية أوثق عرى العلاقات السياسية بين الدول، والتي تميزت بها منهجية السياسة السعودية منذ تأسيسها حتى الآن مما أكسبها ثقة ومكانة أفقية على مستوى العالم، فلا عجب أن نرى زعماء العالم يتقاطرون على زيارتها مما يشير إلى ثقلها الخليجي والعربي والإسلامي والعالمي، وتكتسب زيارة الرئيس ماكرون للمملكة أهمية خاصة نظرا للظروف الموضوعية للأزمات التي تمر بها المنطقة والعالم، وتتطلع فرنسا إلى دور المملكة الحيوي والحاسم في حلها فضلا عن العلاقات التاريخية بين فرنسا والمملكة والتي وطدت جذروها المرحلة الديجولية، إضافة إلى استقلالية قرار فرنسا عن المحور الأمريكي، إذ تتميز فرنسا بفرادة قرارها السياسي والاقتصادي والعسكري مقارنة بغيرها من الدول الأوربية في حلف الناتو عن المحور الأمريكي والذي يصل أحيانا إلى التناقض وتضارب المصالح كما في أزمة بيع الغواصات الفرنسية إلى أستراليا والتي ساقت فرنسا إلى سحب سفيرها من واشنطن. لبنان واليمن وأضاف: ثمة نقاط مهمه للالتقاء بين المملكة وفرنسا في عدد من القضايا ولاسيما في لبنان واليمن وتطمع فرنسا إلى الدعم السعودي في القضايا العالمية مثل أزمة المناخ وتقلب سوق النفط والبورصات وغيرها، وفي المجال السياسي فثمة قائمة من القضايا تحتاج إلى مزيد من التشاور بين البلدين الصديقين، فثقل المملكة العربي والإسلامي وقواها الناعمة إسلاميا واقتصاديا وسياسيا يحمل الدول الكبرى إلى عدم إهمال أو تجاهل الدور السعودي. حزب إيران وتابع: من أهم القضايا التي تشغل هموم البلدين: الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني المزري في لبنان جراء تسلط حزب إيران على القرار السياسي اللبناني وبناء قوة عسكرية ضاربة لحزب يدين بالولاء لإيران خارج الشرعية اللبنانية، وتوجه هذا الحزب وتسخيره لنشر الفوضى والفساد والدمار في دول الجوار والمنطقة الخليجية والعربية، والذي امتد إلى العراق وسوريا واليمن، مما يملي على الدول المحبة للسلام نزع فتيل الأزمات والحروب التي تؤججها إيران وتهدد بها الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وتأتي أهمية كبح جماح نظام الملالي أيضا غير المسؤول للحصول على القدرات النووية محل اهتمام جميع الدول، فهذا النظام الشرير غير المسؤول يهدد السلام والنهضة والتعاون الإقليمي والدولي مما يستلزم التشاور وتقديم رسائل واضحة لنظام الملالي بخطورة تلاعبه ومخادعته ومراوغته وضرورة التزامه بكل الاتفاقيات حول أنشطته النووية. قواسم مشتركة وتابع: يبدو للمراقب امتعاض السياسة الفرنسية للدور الأمريكي المتقلب والذي يخسر الأصدقاء جراء تماهيه وتساهله وتجاهله للدور الإيراني الخطير، والذي توسع دون اتخاذ أي إجراء أمريكي ملموس سوى إطلاق الشعارات الفارغة التي زادت نظام الملالي عتواً وتوسعا، وثمة مجالات اقتصادية واستثمارية هائلة في البلدين تحرص المملكة فرنسا معا إلى تحقيقها بعيدا عن الاجندة السياسة التي لا تخدم مصالح البلدين، إذ أن محور وفلسفة السياسة المعاصرة بدأت تنحو إلى التعاون المشترك والبعد عن أجندة الاستقطاب والحرص على المصالح المشتركة، وتلك قواسم مشتركة بين فرنسا والمملكة. الإليزيه وولي العهد وقال المحلل السياسي عبدالجليل السعيد: الرؤية الفرنسية سياسيا واقتصاديا هي الأقرب للعالم العربي ولاسيما منطقة الخليج العربي بالنسبة لدول الاتحاد الأوربي، فرنسا تنحو منحى آخر إذا ارتبط الأمر بالمملكة العربية السعودية فهي تتفق مع الرياض في كثير من القضايا ومنها الملف اليمني، والرئاسة الفرنسية عبرت في أكثر من مناسبة وخصوصا في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون عن دعمها الكامل للمملكة في مكافحتها للإرهاب داخل الأراضي اليمنية، ودانت وبشدة كل العمليات العبثية الفاشلة التي يقوم بها عناصر ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا لاسيما وأن فرنسا تحاول جاهدة أن تقنع المجتمع الدولي بضرورة إشراك المنطقة العربية الخليجية في أي مفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، وهذا ما نادى به الرئيس الفرنسي في أكثر من مناسبة، هذا دليل مباشر على توافق الجانبين الفرنسي والخليجي، ولطالما عبرت الرئاسة الفرنسية عن دعمها لكل المشاريع التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتربط الرجلين وهو ما لا يخفى على أحد علاقة مميزة على الصعيد الشخصي والسياسي والاتصالات بين الإليزيه وبين ولي العهد لم تتوقف طيلة الأعوام الماضية. قبلة السياسة من جهته أكد الكاتب الصحفي عبدالله بن يتيم العنزي أن التعاون السعودي الفرنسي يحظى بأهمية بالغة خاصة لما تلعبه الرياض من دور محوري في المعركة ضد الإرهاب عالمياً، وكذلك فرنساً لاسيما في التصدي للإرهاب في غرب أفريقيا ومواجهة تنظيم الإخوان الإرهابي عالميا، والذي تعتبر السعودية شريكًا أساسيا فيه ، مشيراً إلى أن زيارة الرئيس الفرنسي للسعودية تتوج الجهود المشتركة بين البلدين الصديقين، مؤكدا أن السعودية هي المحرك الرئيس للدول العربية والإسلامية وهي كما أنها قبلة للمسلمين فهي أيضًا القبلة السياسية لهم في جميع المحافل، وهو ما يدركه الرئيس الفرنسي وغيره من زعماء العالم ولذلك كانت المحطة الأهم في زيارات الرئيس الفرنسي هي السعودية لحل الأزمة العربية . تحولات كبرى وأضاف: الزيارة تعتبر مهمة لأنها جاءت في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تحولات كبرى وملفات إقليمية معقدة، تأتي في مقدمة القضية النووية الإيرانية، وكذلك قطع العلاقات مع لبنان، حيث أخفقت كل الجهود حتى الآن في إقناع دول الخليج العربية في حل الأزمة السياسية مع لبنان نتيجة لما يساور دول الخليج العربية من القلق من نفوذ جماعة حزب الله المدعومة من إيران، مشيرا إلى أن استقالة وزير الإعلام اللبناني الذي تسبب في أزمة مع المملكة ودول الخليج بعد تصريحاته الرعناء والغوغائية قد تكون بادرة في انفراج الأزمة مع لبنان، لافتا إلى أنه من المتوقع أن تكون الأزمة اللبنانية ضمن المحادثات التي سيجريها الرئيس الفرنسي مع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله -. التعنت الحوثي وتابع: الزيارة بالمهمة كونها تأتي في ظل وضع إنساني صعب في اليمن تسببت فيه تعنت المليشيات الحوثية المدعومة من إيران في تردي الأوضاع والحالة الإنسانية لعموم الشعب اليمني حيث تتشارك السعودية وفرنسا وتتفقان في العمل سوياً في المجالات الإنسانية، مؤكدا أن الزيارة ستكون علامة فارقة في العلاقات المتميزة بين البلدين وستعزز من العمل المشترك في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل ما يخدم المصالح المشتركة وهو ما يأمله الشارع العربي اليوم الذي سئم من كثرة الخلافات السياسية التي صنعتها إيران المصدرة للإرهاب. د. غازي العارضي عبدالله العنزي