يحتضن متحف فكتوريا وألبرت في لندن معرض جائزة جميل للفنون الإسلامية، وهي جائزة تعنى بالفنون والتصاميم الإسلامية المعاصرة وتهدف إلى بيان تأثر الفنانين المعاصرين وأساليبهم الحديثة بموروثهم الإسلامي التقليدي كجزء من سبر تأثير الحضارة الاسلامية في القرن الواحد والعشرين. ولأن متحف فكتوريا وألبرت الذي أُنشأ عام 1852، يضم أكبر مجموعة من المقتنيات الفنية والأثرية لفنون العالم اللإسلامي في القارة الأوربية، أو ما يقارب 19 الف قطعة أثرية وعمل فني، يتراوح تاريخ أقدمها إلى القرن السابع الميلادي وأحدثها إلى القرن العشرين. فمثلا تحتوي قاعة جميل للفن الاسلامي وهي أحد القاعات المهمة لمقتنيات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي في متحف فكتوريا والبرت، على 400 قطعة من مجموع المقتنيات الكلي التي جاءت من شتى بقاع العالم الإسلامي مثل الأندلس وافغانستان والمغرب العربي ومصر وغيرها. وليس غريبا على ادراة متحف فكتوريا وألبرت استضافة جائزة جميل للفن الإسلامي وبنجاح ساحق للمرة السادسة، وقد سبق ومايزال المتحف يرعى برنامجا للحفاظ على الموروث الثقافي المُعرض للتلف والاندثار في الشرق الأوسط، بفعل الحروب ونزوح السكان وتغيير عاداتهم والتدمير المتعمد للآثار بفعل المجاميع الارهابية كما حدث في سورية والعراق. ويحق لكل الفنانين والمصممين من جميع انحاء العالم التنافس على جائزة جميل بغض النظر عن اصولهم العرقية والإثنية. يذكر أن جائزة جميل للفن الإسلامي استهلت دورتها الاولى عام 2009 في متحف فكتوريا وألبرت بالتعاون مع مؤسسة جميل في دبي وهي مؤسسة مستقلة تهدف إلى تعزيز دور الفنون في بناء مجتمعات منفتحة ومتفاعلة، وحماية التراث الثقافي، وريادة الأعمال الإبداعية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا وترعى برامج ثقافية ومشاريع فنية تهدف الى تعزيز اصالة الفنون الإسلامية، ولها شراكة تعاون طويلة الأمد مع متحف فكتوريا وألبرت في لندن ومتحف المتروبوليتان في نيويورك. الدورة السادسة للجائزة اتخذت عبارة (من السياسة الى الشعر) عنوانا لها وتحتفي هذه النسخة من جائزة جميل بالتصميم المعاصر، وكُرسَت للتصاميم الفنية المعاصرة المستلهمة من الموروث الاسلامي، وتقدم للتنافس على الجائزة 400 فنان ومصمم من انحاء العالم، عبر الترشيح المباشر. لجنة التحكيم الدولية التي تضم خمسة اعضاء هم: الدكتور تريستيام هانت مدير متحف فكتوريا وألبرت، أليس روزثورن كاتبة ومصممة بريطانية وناقدة، الشيخ سلطان سعود القاسمي باحث ومؤسس براجيل للفنون، الفنان العراقي مهدي مطشر والمعمارية البنغالية مارينا تبسم الفائزان مناصفة بدورة الجائزة السابقة، اختارت ثمانية فنانين للمنافسة النهائية، من الهند والسعودية وايران والامارات العربية ولبنان وباكستان وبريطانيا. والمعرض الذي يضم أعمال الفنانين الثمانية مفتوح لزيارة الجمهور من منتصف شهر ايلول لغاية نهاية شهر تشرين الثاني وسوف ينقل الى مدن اخرى. الفائز بجائزة هذه الدورة هو الفنان السعودي عجلان غارم وهو مدرس رياضيات في مدينة الرياض وفنان، عمله المعنون (للجنة ابواب كثيرة/ 2015)، يتحرى المتغيرات المجتمعية في المملكة العربية السعودية، وهو عمل تركيبي عبارة عن مجسم لجامع مصنوع من اسلاك مخيمات اللجوء. يمكن أن يثير هذا العمل الشعور بالسجن والقلق جراء الهيكل الحديدي لبنية العمل وهو المسجد. ومن جهة اخرى فأن المسجد الذي يُرى ما يحدث داخله والمتمركز وسط أرض مكشوفة يدحض الإسلاموفوبيا. ولان المسجد كما هو معروف، مساحة اسلامية مقدسة ومجتمعية في ذات الوقت، فالفنان يتحرى من خلال هذا العمل دور الدين في المجتع المعاصر، ويتسائل؛ هل أن الاسوار الحديدية التي تشكل هيئة المسجد هي رادع ام عازل نفسي وفيزيائي يمكن أن يعزل ويفرق بين الناس والافكار؟ العمل لا يرمز للدين بل يشير إلى المعتقد والايدولوجيا، وهل المعتقد هو السجن والانسان هو السجين داخله؟ أن بساطة (للجنة ابواب كثيرة) كان جزءا من نجاحه، ويتميز العمل ايضا بالابتكار في استخدام المواد والمساحة والقياس، وينجح في إزالة الغموض الذي يحيط بالمسجد لغير المسلمين، وإبداع تركيب فني كمساحة شفافة للتواصل الثقافي والمجتمعي. الفنان الفائز بجائزة جميل لهذه الدورة عجلان غارم قدم خطاباً عالمياً عن تجربة المهاجر والظروف الإنسانية المشتركة، وربطها بسياق روحاني محلي خالص. الباحث وصاحب مؤسسة براجيل الفنية الشيخ سلطان القاسمي، وهو احد اعضاء هيئة التحكيم وصف عمل الفنان عجلان غارم (للجنة ابواب عديدة) بانه عمل استوفى جميع شروط المسابقة واصبح أيقونة في السنوات الاخيرة.