هل التَربِية أن نَكُون مَاكِينَة سحب أموال لأبْنَائِنَا؟ قال سيجموند فرويد: «لا أستطيع التفكير في أي احتياج أشد ضرورة للطفل من احتياجه للشعور بالأمان والحماية من والده». إن اهتمام الوالدين بأولادهما فطري، وقد أجاد حطان بن المعلى حين قال: وإنما أولادُنا بيننا أكبادُنا تمشي على الأرضِ لو هبتِ الريحُ على بعضِهمْ لامتنعت عيني عن الغمضِ لكن لابد أن نفهمَ أنَّ التربيةَ ليست قاصرةً على تلبية الاحتياجات المادية فقط، أو تعريفِ الولدِ ببعض الآداب فقط، بل هي أوسعُ وأشمل من ذلك وما أجمل ما قال الفيلسوف اليوناني سقراط: «التربية الخلقية أهم للإنسان من خبزه وثوبه فإن جذور التربية مُرة، ولكن ثمارها حلوة». في إحصائية لمركز السيطرة على الأوبئة والأمراض يتضح أن 85 % من الأطفال الذي أظهروا إصابات باضطرابات سلوكية جاؤوا من بيوتٍ لا وجود حقيقيا للأب فيها، و80 % من المغتصبين أثبتوا نفس الأمر حسب إحصائية نشرتها مجلة العدالة الجنائية والسلوك في ديسمبر سنة 1987. إن التربية هي مجموعة القيم الأخلاقية المستمدة من القواعد الدينية، والعادات الاجتماعية، والتي تساهم في توجيه سلوك الأفراد داخل مجتمعهم، وتُعَّرف أيضاً، بأنها: المؤثرات التي تؤثر على الأفراد، ضمن البيئة التي يتواجدون فيها. علينا أن نعلم أن للتربيةِ جوانب مختلفة، فُهناك التربيةُ الإيمانية، والخلقية، والجسمية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية، والجنسيةِ، وغيرها. هناك أمُور مهمة في تربية الأبناء ومنها عدم الإكثار من انتقاد تصرفاتهم كما قال المفكر الفرنسي جوزف جوبير:»الأولاد بحاجة إلى نماذج أكثر منهم إلى نقاد». وقد أحسن القائل: مشى الطاووسُ يوماً باعوجاجٍ فقلّد شكلَ مشيتِهِ بنوهُ فقال: علام تختالون؟ قالوا: بدأتَ به ونحنُ مقلدوهُ فخالفْ سيرَك المعوجَّ واعدلْ فإنا إنْ عدلتَ معدلوهُ أما تدري أبانا كلُّ فرعٍ يجاري بالخطا من أدبوه؟ ينشأُ ناشئُ الفتيانِ منا على ما كان عوَّدهُ أبوهُ واستيعاب رغبتهم في الحركة والتجربة ومصاحبتهم وتفويضهم وتعليمهم تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس وحرية التعبير عن المشاعر وزرع الثقة والاحترام فيهم والتشجيع على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعويدهم الصدق والصراحة والتعبير لهم عن الحب والمساندة والدعم والتحكم في التوتر والضغوط والاحتفاظ بعلاقة طيبة مع شريك الحياة، حيث إن لهذا تأثيرًا أكثر والقيام بدعم التعلُّم وتخطيطه لهم، وأن توفر لهم فرصًا تعليمية جيدة ونشاركهم في الأنشطة والمناسبات ونتخذ الاحتياطات اللازمة لحمايتهم وتبقى على دراية بالأنشطة التي يمارسونها وبمَن يصادقهم وأن تستخدم التحفيز الإيجابي بشكل مكثف، ولا تستخدم أسلوب العقاب إلا عندما تفشل وسائل إدارة السلوك الأخرى. ويجب الحِيطَة من رفقاءُ السُوء والبطالة والفراغ والقدوة السيئة ومظاهر الفتنةِ والإغراء ويتمُ الوصولُ إلى التربية بعدة وسائل ومنها: القدوةُ الحسنة فإن» صدقة في كف فقير أمام ابنك تعدل ألف محاضرة عن الصدقة، وورقة تلقيها في سلة المهملات أمام ابنتك أبلغ من خطبة عن النظافة، التربية بالقدوة لا بالموعظة. كما يقول الكاتب الفلسطيني أدهم شرقاوي والمراقبة والتحذير من المعاصي ومن الشرِّ وأهله، والتلقين للتعاليم الدينية والترغيبُ والترهيب والموعظة مع الاقتصاد فيها وزرع مراقبةِ الله في أنفسهم والعقوبة مع مراعاة التدرج فيها، والانبساط والتلطف معهُم، إذا استقاموا ومعرفة طبيعة المراهق، وكيفية التعامل معه. يقول المثل العربي:» كن لابنك معلمًا وهو طفل، وصديقًا حين يكبر.