دعا نشطاء في السودان أمس الخميس لتصعيد الاحتجاجات على الانقلاب العسكري الذي وقع الشهر الماضي، وذلك بعد يوم من أعنف حملة أمنية من حينها على المتظاهرين المطالبين بعودة الحكومة المدنية. ومن شأن ذلك أن يزيد من الهوة بين القادة العسكريين الذين انتزعوا السلطة في 25 أكتوبر وحركة احتجاجية كبيرة تنزل إلى الشوارع منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس عمر البشير عام 2019. وأصدرت مجموعة من لجان المقاومة تعكف على تنسيق الحركة الاحتجاجية في شرق الخرطوم بياناً أعلنت فيه الدخول "في جدول التصعيد المفتوح حتى إسقاط السلطة الانقلابية". وجاء في بيان تنسيقية لجان مقاومة أحياء الخرطوم شرق "ندعو القطاعات المهنية والنقابية والعمالية والشعب السوداني بكامل قطاعاته للدخول في عصيان مدني شامل الخميس 18 نوفمبر حداداً على أرواح شهدائنا الأبرار، ورفضاً لانتهاكات المجلس الانقلابي في حق الثوار العزل". وقال عضو كبير في التنسيقية، طالباً عدم نشر اسمه، إنه تجري مشاورات بين لجان المقاومة بشأن التصعيد. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية المؤيدة للحركة الاحتجاجية إن 15 شخصاً على الأقل قُتلوا الأربعاء لدى فض احتجاجات في الخرطوم ومدن أخرى باستخدام الرصاص والغاز المسيّل للدموع. وقالت الشرطة إن 89 من أفراد الأمن أصيبوا، وسجلت وفاة مدني واحد، و30 حالة اختناق من الغاز المسيل للدموع بين مدنيين. ووصف المحتجون سلوك الشرطة الأربعاء بأنه أعنف مما كان من قبل، في مؤشر جديد على أن الجيش يتطلع لترسيخ وضعه. وكان الجيش قد قال إن الاحتجاجات السلمية مصرّح بها. وكتب الانقلاب نهاية لاتفاق مشاركة في السلطة بين الجيش وجماعات مدنية ساعدت في الإطاحة بالبشير. وزادت انقطاعات خدمات الإنترنت والهواتف منذ الانقلاب من تعقيد مساعي النشطاء للاحتشاد. ومع هذا خرج مئات الآلاف إلى الشوارع في احتجاجات جماهيرية حاشدة في يومين، وشارك الألوف في احتجاجات متفرقة أخرى أمس الأربعاء. وفي المجموع، قُتل منذ الانقلاب 39 شخصاً وجُرح مئات، غالباً خلال عمليات تفريق المحتجين. ونزل عشرات ألوف السودانيين إلى الشوارع في 30 أكتوبر وفي 13 نوفمبر احتجاجاً على الانقلاب. وانتشرت قوات الأمن مجددًا الخميس في الشوارع وحاولت إزالة العوائق التي وضعها المتظاهرون في شمال الخرطوم. وندّدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإفريقية مولي في الخميس ب"العنف ضد المتظاهرين السلميين". وبسبب انقطاع خدمة الإنترنت لفترات طويلة منذ إعلان رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان حل مؤسسات الحكم الانتقالي وبالتالي إقصاء المدنيين من السلطة، اعتاد السودانيون تبادل المعلومات والدعوات الى التظاهر عبر رسائل نصية قصيرة بدلاً من وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بعد ظهر الأربعاء، لم يعد بوسعهم حتى الوصول الى أي شبكة من شبكات الهاتف. ودان تجمع المهنيين السودانيين، وهو تكتل نقابي قام بدور محوري في إطلاق "الثورة" التي أسقطت عمر البشير في أبريل 2019، ما أسماه "جرائم ضد الإنسانية" في بلد قُتل فيه أكثر من 250 متظاهرًا خلال الانتفاضة التي أنهت، مع البشير، نظامًا دكتاتوريًا دام 30 عامًا. واعتبر التجمّع في بيان أن ما يجري في شوارع ومدن السودان "جرائم بشعة ضد الإنسانية تتضمن القتل العمد، إلى جانب انتهاك الكرامة بالضرب واقتحام البيوت بالقوة المسلحة"، مع "تعمد قطع كل وسائل الاتصال لإخفاء وتغطية عشرات الجرائم الأخرى". واعتبر أن "مجزرة" الأربعاء "تأكيد على سلامة شعارات المقاومة ولاءاتها الثلاث: لا تفاوض، ولا شراكة، ولا مساومة". وأوقف خلال الأسابيع الماضية مئات الناشطين والصحافيين والأشخاص الذين كانوا موجودين في الشارع. وفي ظل غياب حلول سياسية في الأفق، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن استعداده لدعم السودان من جديد إذا "أعاد الجيش السوداني القطار إلى مساره الصحيح". وشكّل البرهان مجلس سيادة انتقالياً جديداً استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير (ائتلاف القوى المعارضة للعسكر)، واحتفظ بمنصبه رئيساً للمجلس. كما احتفظ الفريق أوّل محمّد حمدان دقلو، قائد قوّات الدعم السريع المتّهمة بارتكاب تجاوزات إبّان الحرب في إقليم دارفور خلال عهد البشير وأثناء الانتفاضة ضدّ البشير، بموقعه نائباً لرئيس المجلس. ويكرّر البرهان وعده بإجراء انتخابات عام 2023، مؤكداً أنه تصرّف فقط من أجل "تصحيح مسار الثورة".