يفرض مع توسع الحراك التنموي تطورات في الحياة الاجتماعية من شأنها أن تسرّع من عملية التطوير الاجتماعي والثقافي في المجتمع، ينشأ خلال ذلك طفرة اجتماعية ترتبط بتحولات لافتة على الصعيدين الفكري والسلوكي ومع الانعكاسات السلوكية التي قد تظهر نتيجة تغير التوجهات الاجتماعية لا تقتصر تلك المستجدات والتطورات على تغيير الصياغة الثقافية والاجتماعية بل تمتد لتشمل تغيير الأنظمة وقوانينها. فيبدأ دور عملية التشريع على إنشاء وتعديل وحذف النصوص القانونية بغرض الوصول إلى نتائج سلوكية معينة، وهذه العملية تسهم بدورها إلى إعادة ضبط السلوك البشري. وتكشف عملية إعادة تنظيم المواد التشريعية ونصوص الأنظمة هذه إلى الدافع الرئيسي وراء وجود النص القانوني، فتوسع الدولة اقتصاديًا واجتماعيا وثقافيًا لا بد له أن يكون مرتبطًا بتوسع المواد القانونية أو تضييقها. كما يتبين مع عدد التغيرات التي تلامس المجتمع بكافة جوانبه إلى ضرورة استحداث القوانين وإلا لن يصبح القانون عاكسًا للمجتمع الذي يحكمه. ومن أقرب نماذج استحداث الأنظمة هو إصدار نظام المدفوعات الذي أودع حديثًا لدى المركز الوطني للوثائق والمحفوظات والذي يضمن بدوره سلامة البنية التحتية لأنظمة المدفوعات في المملكة لما سيترتب عليه تأثير في الحركة الاقتصادية وتنميتها، كما أنه كشف مع صدوره عن العقوبات المترتبة نظير الإقدام بما يناقض قواعد عملها. ومن جهة أخرى تفرض معدلات تسارع التطور التقني إلى سن أنظمة تواجه الجانب السلبي لها، ومن هنا يظهر أحد أسباب استحداث نظام التجارة الإلكترونية والذي ساهم بدوره تحقيق الحماية لجميع أطرافه. وفي دخول نظام التكاليف القضائية حيز التنفيذ قريبًا حد من رفع الدعاوى الكيدية والصورية والذي بالإضافة سيساهم بتفعيله بتقديم الوفاء على غيره قبل اللجوء إلى القضاء كطريق حتمي نهائي. يتجلى من ذلك أنه لا بد لنصوص القانون وبنوده أن تستحدث في طور تقدم المجتمع ونموه، ولعلنا بذلك نصل إلى تفسير مقولة «القوانين كالبشر تهرم وتشيخ». * مستشارة قانونية