يستمر الاقتصاد الأميركي بالنزيف من جراء تبعات انتشار وباء كوفيد- 19، حيث ارتفعت معدّلات التضخم إلى نسب عالية وغير مسبوقة منذ عام 1990 بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية. ورغم فتح الحدود الأميركية الجوية والبرية لكافة السياح والزائرين الاثنين الماضي، لأول منذ عام ونصف، لا يزال التعافي الاقتصادي من وباء كورونا هدفاً بعيد المنال، حيث يسيطر القلق على المجتمع الأميركي من جراء ارتفاع الأسعار بشكل كبير، الأمر الذي يتسبب بانعكاسات قاسية على العائلات الأميركية. وبحسب تقرير لوزارة العمل الأميركية بداية شهر نوفمبر، فإن زيادة الأسعار الملحوظة على السلع في الولاياتالمتحدة ظهرت في أسعار السيارات والأثاث والطاقة والإيجار والعقارات والرعاية الطبية، بينما انخفضت أسعار تذاكر الطيران والكحول. وبحسب لورا روزنر، كبيرة المحللين الاقتصاديين في "وول ستريت جورنال"، فإن التضخم الأميركي قد يتطور ويتسع نطاقه إذا دخلت الولاياتالمتحدة في موسم العطل الرسمية نهاية العام من دون أن تحل مشكلة النقص في السلع ما قد يؤدي إلى زيادة إضافية في الأسعار. وبحسب روزنر، فإن زيادة الأسعار أتت مدفوعة بعدة عوامل، منها توقف خدمات النقل العام في الولاياتالمتحدة بعد انتشار متحور "دلتا"، وزيادة الطلب على السيارات الخاصة، والاضطراب في نسبة إنتاج السلع والطلب عليها. تهديد حظوظ الحزب الديموقراطي يتسابق الحزب الديموقراطي مع الزمن لتحسين الأوضاع الاقتصادية داخل الولاياتالمتحدة في الفترة المتبقية قبل جولة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، والتي تجري في نوفمبر 2022، ومن شأنها تحديد مصير الكونغرس لعامين مقبلين. وبينما يشعر معظم الأميركيين بارتفاع الأسعار الكبير الذي يلمسه المواطن كل يوم، تتدنى شعبية الرئيس جو بايدن حيث قاربت نسبة قبول الإدارة الديموقراطية إلى 38 في المئة. وفي نتيجة صادمة للحزب الديموقراطي، فاز المرشّح الجمهوري جلين يونكغين، بمنصب حاكم ولاية "فيرجينيا" على نظيره الديموقراطي تيري ماكاوفيل، على الرغم من كون "فيرجينيا" ولاية ديموقراطية فاز بها كل من جو بايدن وهيلاري كلينتون وباراك أوباما في انتخابات سابقة. وتسببت نتيجة انتخابات فيرجينيا، ونتائج استطلاعات الرأي حول أداء الرئيس بايدن، بقلق كبير في أوساط الحزب الديموقراطي من انتخابات العام المقبل، والتي ستحسم مصير الكونغرس بغرفتيه، مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، المسيطر عليه اليوم من قبل الحزب الديموقراطي بأغلبية ضئيلة جداً. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" فإن مأزق الديموقراطيين يكبر بسبب المعاناة الاقتصادية للشعب الأميركي، بالإضافة إلى تهديد ارتفاع الأسعار لأهم أهداف أجندة الرئيس بايدن السياسية، خاصة فيما يتعلّق بمواجهة الاحتباس الحراري، وإعادة النشاط الصناعي إلى الولاياتالمتحدة، الأمر الذي يصعب تحقيقه في ظل ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير ومحاولة بايدن الابتعاد عن الوقود الأحفوري الذي يوجد في الولاياتالمتحدة بوفرة ولكنه يهدد البيئة. وتفاقم سياسات مكافحة التغير المناخي مشكلة نقص الطاقة وغلاء أسعارها في الولاياتالمتحدة، حيث كافحت سياسات جو بايدن استخراج الوقود الأحفوري، ما أثار غضب الأميركيين في بعض الولايات الغنية بهذه الثروة. وقام نشطاء أميركيون بلصق مناشير كتب عليها "بايدن فعل كل هذا" في عدد كبير من محطات البنزين في الولايات الأميركية. وكتبت "وول ستريت جورنال": "هذه أسوأ أزمة اقتصادية في عيون عامة الشعب الأميركي والطبقة الوسطى منذ وقت طويل، حيث تلمس هذه الأزمة أسعار السلع التي تحتاجها كل عائلة كل يوم، وحين يرى المواطن هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، يتذكر بأن السلطتين التنفيذية والتشريعية بيد الحزب الديموقراطي الآن"، وأضافت الصحيفة: "هذه هي الأزمة الأسوأ، حيث يشعر بها المواطن العادي، وليست أزمة عابرة تنهار فيها أسعار أسواق الأسهم ولا يعرف بذلك سوى الأثرياء".