قبل سنوات، استطاع فريق ريال مدريد لكرة القدم أن يجمع أشهر اللاعبين في العالم من مختلف الدول والقارات في فريق واحد، هنالك لعب رونالدو وروبيرتو كارلوس من البرازيل، زيدان من فرنسا، بيكهام من إنجلترا، فيغو من البرتغال، وراؤول وكاسياس من إسبانيا وغيرهم من المشاهير. وعلى الرغم من ذلك لم يتمكن فريق ريال مدريد من تحقيق نتائج مميزة وراح يخسر من فرق تمتلك لاعبين أقل شهرة بكثير أو حتى فرق مغمورة. مقالة اليوم تحاول أن تستكشف: لماذا خسر ريال مدريد؟ في جلسة غداء مع السيد جيمي أوتيلي الرئيس التنفيذي لشركة تلتيل جيمز العالمية في مجال ألعاب الفيديو سألته:" ما سر نجاح شركتك في صناعة منتجات مميزة في مجال ألعاب القصص التفاعلية؟ كيف استطعتم أن تنهضوا بالشركة مجدداً وتحققوا الأرباح بعد أن كانت تعاني من الخسائر؟". فأجابني السيد جيمي بقوله: "في الإدارات السابقة كان العمل يتركز على جمع أفضل الكتّاب وتوظيفهم، ولكن مؤخراً اتخذت سياسة جديدة بأن أهم شيء ليس شهرة الكاتب، بل أن يتم اختيار الكاتب المناسب للعمل والمشروع المناسب له". في الواقع، من الممارسات الإدارية الخاطئة الاعتماد التام على السير الذاتية والشركات الاستشارية لتعيين الموظفين والقيادات دون مراعاة لرأي المديرين المباشرين في أرض الميدان وتجاهل مدى قدرة هؤلاء الموظفين والإداريين على التأقلم والانسجام مع أخلاقيات المنظمة وقيمها. وهنا أتذكر فرقة أوركسترا برلين الفيلهارمونية والتي تأسست عام 1882م وتم تصنيفها كأعظم فرقة أوركسترا على مستوى العالم حيث يبلغ عدد العازفين فيها حوالي 123 عازفاً وعازفةً. حققت هذه الفرقة أعظم أمجادها تحت قيادة السير سيمون راتل والذي قادها للفترة بين 2002 و2018م. وعندما قرر قائد الأوركسترا التقاعد حرص صناع القرار والمشرفون على هذه الفرقة على الحفاظ على ثقافة المنظمة ومراعاة انسجام الفريق، وكان من الشروط التي وضعوها أن يوافق أعضاء الفريق على اختيار قائدهم الجديد. لك أن تقارن هذا القرار بما تفعله الكثير من المنظمات والشركات باستقطاب أسماء مشهورة حققت نجاحات في قطاعات مختلفة وتسلم لها الأمر لتبدأ في تجاهل كل ما تحقق في السابق وتهميش الكفاءات السابقة وهدم ثقافة المنظمة وقيمها تحت شعارات التطوير والاستراتيجيات الجديدة. لاشك أن التحسين مطلوب وإدارة التغيير ضرورة، ولكن هنالك فرق كبير بين تدمير المنظمة وتطويرها. وبالعودة إلى فريق ريال مدريد، فالسؤال نفسه ينطبق على كثير من المؤسسات في القطاعات المختلفة الحكومية والخاصة وغيرها والتي قد تستقطب كفاءات قيادية وإدارية مشهورة وذات صيت ولكنها تفشل وتنهار، والسبب يعود إلى تركيز التفكير على القدرات الفردية والسير الذاتية والشهادات للشخصيات الإدارية مع التجاهل التام لمدى انسجام هذه الشخصيات مع ثقافة المنظمة. وختاماً، ليس المهم أن يكون لديك فريق عمل من المشاهير والأقوياء، بل أن تمتلك فريق عمل مخلصاً وقوياً.