إن قوة الأمم وتقدمها وارتقاءها في سماء العزة ليس له أن يتحقق إلا إذا حباها الله بقيادة رشيدة، وإن الدول ليس لها أن تنهض وتتقدم وتنافس وتتصدر الصفوف إلا إذا حظيت بحكام أفذاذ يملكون رؤية واعية وشاملة لمستقبل أوطانهم وشعوبهم، وإن من نعم الله التي يجب أن تذكر فتشكر ما وهبه الله -جل في علاه- هذه البلاد المباركة على مر العهود من قيادة كانت وما زالت تعمل بحكمه على مسايرة المرحلة ومتطلباتها ومواجهة التحديات بوعي وثبات واستيعاب عميق للحاضر وتحولاته واستشراف المستقبل ودواعيه، وإن ما جاد علينا به المولى سبحانه من تفرد في هذا العهد الميمون ما هو إلا تأكيد لوجود ذلك، تعكسه الرؤية الثاقبة والشاملة لتحقيق مستقبل زاهر. وهنا تتجلى حنكة القيادة الحكيمة في هذا العهد الميمون وعظم رؤيتها بتأكيد أن المكانة المرموقة التي بلغها الوطن لم تأت من فراغ، وجسدتها النظرة الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين -أيده الله- في اختيار الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- ولياً للعهد، والتي أتت تتويجاً لقدرات وجهود ومسيرة حافلة بسجل من النجاحات والإنجازات، التي تشكلت عبر محطات عملية وملفات مفصلية تميزت فيها شخصية سموه بحسن ومهارة التعاطي، وبرزت وتفردت سمات شخصية سموه القيادية بإتقان العمل والحرص على الإنجاز، ورسخت ملامح نجاحها بتدشين رؤية وطنية المرتكزات، ومتنوعة المسارات، ومتعددة التطلعات، واعدة الأهداف، لنقل الوطن بكامل مكوناته المجتمعية ومنظوماته التنظيمية وقطاعاته الاقتصادية الحيوية لمرحلة تتناسب ومكانة مملكتنا الغالية، رؤية جسورة تبلور منهجها الأصيل، وفلسفة برامجها، على يد مهندسها الذي جسد ضرورة العزيمة، وتوقيت أبعادها نتيجة القناعة التامة بأهمية البدء بتوجيه استغلال موارد الوطن نحو ما يلبي الطموحات والتطلعات، فيوماً بعد يوماً نرى الوطن ورشة عمل دؤوبة، وسموه شعلة من النشاط والحيوية والأفكار الرائدة، بما نلمسه من حجم العمل، والحراك المستمر، وضخامة المسيرة، وعظم النتائج، تتجسد في توالي وتنوع القرارات المفصلية والمبادرات الجريئة والمشروعات المتنوعة، بما في ذلك ما تم مؤخراً من استحداث للهيئات التطويرية والمكاتب الاستراتيجية لتطوير البيئة الاستثمارية لمناطق مملكتنا الغالية كافة، ودعم تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة ومقومات محاور استدامتها. ولهذا نقول إن تعاظم الدول وارتقاءها في سماء العزة وبقاءها قوية لا يقاس ألا بقوة اقتصادها وتنافسيته، ولا يكون اقتصادها قوياً إلا عندما يكون لها قيادة رشيدة مضيئة أبصارها، مضاءة عزائمها، راسخة قيمها، ومتزنة أولوياتها، وحكيمة قراراتها، فتعمل على صيانة المكتسبات وتحافظ على الثروات وتعظيم الموارد، فذلك شأن يذكر لمملكتنا، ويسجل لهذا العهد المبارك، وعزة لبقائها ونهضتها ولأجيالها المتعاقبة، باعتباره زاداً لها لمواجهة ما قد يحمله المستقبل من مفاجآت.