رواية "عرش من الرمال" تمثل نسيجاً روائياً فريداً، كتبت بقلم الروائي الكويتي متعب بن ضمنه، الذي نجح في تأليفها وغرس من خلال صفحاتها حروف مضيئة تجسّد جنون الحب الأول وآلام الفراق ورمال الخيال كما لو أنه مبضع جراح ماهر يشرح طبقات النفس البشرية، ويزيل تراكمات من الطبائع المستبدة، وينتقل بسرعة بين شخصيات تكسر الروح بمصائرها المكتوبة سلفاً على جباهها، وخطاها الحثيثة نحو نهاياتها. والقارئ بإزاء رواية وفية لمكانها الجغرافي الذي ولدت فيها.. فالصحراء مهدها وفي جوفها الكبير تتوارى الشخوص المتصارعة، ويتبدى دون أدنى شك. إن كاتب الرواية دارس للصحراء وابن لها، وهذا ما مكّنه من تجسيد الأفكار بشكل كلي في شخصياته، وأفعالهم بحيث لا يترك للسرد الهائم أن يبقى عارياً ومكشوفاً في جنبات الرواية. شعرت وأنا أقرأ هذه الجوهرة الصغيرة بخلاصة مركزة لتاريخ الصحراء، جنون الحبّ الأول، وآلام الفراق، وريح الغدر، ونسائم الوفاء تختلط برمال الخيال، وصخور الواقع مع تنامي أحداث الرواية ومقارعة شخوصها لبعضهم البعض. رغبة السلطة وعنفوان الكرامة ونعومة الغدر جميعها تطرز حياة شخوص الرواية وهي تجري في مسالك الصحراء تبحث عن معنى لحياتها، كأنها قطع ناقصة كل منها يملك خصمه اللدود القطعة الأخيرة التي بها تكتمل لوحة حياته وتغدو في عينيه واضحة لا تلوثها حكايا الحقد القديم. نحن أمام رواية فريدة من نوعها، ترفض أن تترك بيئتها الحقيقية وتدعونا جميعاً إلى أن نعيد اكتشاف أصولنا الحقيقية التي طمرتها المدنية بأطنان من الزيف، في الماضي ترقد بسلام مفاتيح فهمنا لحياتنا ومستقبلنا وقيمنا والطريقة المثلى التي نشكل فيها نمطاً من أنماط العيش، وفي جوف "عرش من الرمال" مفتاح سوف يشرع أكثر الأبواب استغلاقاً. وتحدث الروائي الكويتي متعب بن ضمنة ل"الرياض"، عن هذه الرواية بقوله: "الرواية كجنس أدبي لديها الطاقة على احتضان تعددية الأمكنة وتحولات الأزمنة، وتكتنز في دواخلها جروح الأقدار ويأس الشخوص، وقد حاولت في "عرش من الرمال" الاستفادة مما تفتحه علي الرواية من إمكانات خصبة في السرد ورسم الشخوص والأمكنة وتقاطعات أقدار وأخلاق غير متكافئة تحركها جميعاً نزوع النفس الإنسانية نحو معانقة مصيرها المكتوب سلفاً، كما ترصد الرواية أحداثاً مسننة وحادة تنزف على هيئة متوالية مفتوحة تخفق التضحيات في إغلاقها، وربما تترك الرواية في نفس قارئها بعضاً من ذلك وهذا قطعاً سينجز شرطاً من شروطها. وأضاف ابن ضمنه: شاركت في معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام 2021، حيث جمع المعرض أهم دور النشر والقراء من مختلف دول العالم. وشكّل حدثاً ثقافياً مهماً في قطاع صناعة الكتب ودور النشر، وعمل المعرض على زيادة الوعي المعرفي والثقافي والأدبي لدى المجتمع". وتجدر الإشارة إلى أن أحداث الرواية تدور في أحد الأزمنة البعيدة وفي الصحراء الشاسعة القاحلة ذات الأصوات المرعبة والكهوف المخيفة والصمت الجامح المميت وعلى هذه الصحاري غير المروضة ذات السلاسل الجبلية المرتفعة، دارت أحداث تفوق تفاصيلها الخيالية مما تستوعبه وتسرده ذاكرة البشر.