تفاعل الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، وزير الداخلية برمز التأييد والتأكيد ردّا على التغريدة التي قال فيها الكاتب الصحفي الأستاذ سلمان الدوسري: "الخطر ليس في سلوكيات فردية شاذة تحدث في اليوم الوطني السعودي؛ فهذه يقف لها القانون بصرامة تحت طائلة قانون التحرش أو الذوق العام.. الخطر الحقيقي فيمَن يستغل تلك السلوكيات ليقتل فرحة وطن، محرضًا تارة، ومحبطًا تارة أخرى، لا يخدعونكم.. احذروهم ولا تسمحوا لهم بتعكير فرحتكم". أتفق تماماً مع الأستاذ سلمان الدوسري، بأن مثل هذه التصرفات والسلوكيات الفردية الشاذة بل والخارجة عن السلوك والخلق القويم للمجتمع السعودي، يجب ألا تستغل في قتل فرحة وطن بيومه الوطني المجيد سواء الواحد والتسعين أو ما هو قادم - بإذن الله - من أيام وطنية مجيدة، ولكن في نفس الوقت أرى ضرورة وضع حد لتلك السلوكيات الخارجة عن القانون والانضباط الاجتماعي بما يكفل منع تكرارها وتسببها - لا سمح الله - في إشكاليات اجتماعية وأمنية عميقة الأثر قد لا يحمد عقباها. صحيح أن المملكة العربية السعودية شددت على عقوبة التهمة بالتحرش بسبب حوادث متفرقة وقعت خلال مناسبات سواء وطنية كالاحتفال بالأيام الوطنية للمملكة أو غيرها، حيث قد صدر نظام مكافحة التحرش في العام 2018 الذي يعاقب على كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش الحياء بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسيلة التقنية الحديثة، وذلك بغية صيانة خصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية، التي كفلتها له أحكام الشريعة الإسلامية، والأنظمة المرعية. وحدد النظام عقوبات مشددة تتضمن السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات وغرامات مالية باهظة على المدانين، لكنه لم يتضمن حينها مواد تتيح التشهير بالمتحرشين تحت أي ظرف. وقد تم تعديل النظام مؤخراً، بإضافة فقرة جديدة إلى المادة السادسة من النظام تجيز تضمين الحكم الصادر بتحديد العقوبات المشار إليها في هذه المادة النص على نشر ملخصه على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية، أو في أي وسيلة أخرى مناسبة، وذلك بحسب جسامة الجريمة، وتأثيرها على المجتمع، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية. دون أدنى شك، إن نظام مكافحة جريمة التحرش، نظام جيد أثبت جدواه في مكافحة آفة وسلوك اجتماعي سيئ ومشين يبعث إلى النفس بالاشمئزاز والامتعاض، كون أن جريمة التحرش لا تتنافى فقط مع تعاليم ديننا الحنيف وشريعتنا الإسلامية السمحاء، بل إنها تتنافى أيضاً مع حقوق الإنسان وتعمل على الحد من انتهاكها. من المهم جداً بل من الضروري جداً جداً أن يرافق نظام مكافحة جريمة التحرش برنامج توعوي بالسلوك القويم والتصرف السليم في المناسبات والاحتفالات والمهرجانات، بما في ذلك الاحتفالات بالأيام الوطنية، بالشكل الذي يحاكي حملة "مكارم الأخلاق "، التي دشنها مؤخراً الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكةالمكرمة. كما أرى ضرورة أن تشمل العقوبة المنصوص عليها بنظام مكافحة التحرش ليس فقط المتحرش، وإنما المتحرش به أيضاً من الجنسين الذي يثبت بأنه قام بفعل أو تصرف أو سلوك أو حتى تلفظ بقول يخدش الحياء بأي وسيلة كانت تتنافى مع الذوق العام والأخلاق الحميدة وتكون في نفس الوقت مدعاة للتحرش أو التحريض على التحرش، لنكفل بذلك أن تكون احتفالاتنا بمناسباتنا الوطنية وغيرها خالية من المنغصات وكل ما يتسبب في تعكير صفوها. أخيراً وليس آخراً، لا أعتقد من العدل والانصاف أن يربط البعض كل ما يحدث من سلوكيات وتصرفات خاطئة بما تشهده المملكة من انفتاح اقتصادي واجتماعي غير مسبوق على العالم الخارجي تحت مظلة رؤية المملكة الطموحة 2030، ولعل ما يؤكد ذلك قول ولي العهد: (رؤيتنا لبلادنا التي نريدها دولة قوية مزدهرة تتسع للجميع دستورها الإسلام ومنهجها الوسطية تتقبل الآخر).