قد نجهل قائل قصيدة أو أبيات، وقد تتشابه علينا بعضها فلا ننسبها لأحد، وقد يرغب الشاعر في إخفاء اسمه مع الرغبة في نشر رأيه، فيبدأ بعبارة "يقول الشاعر" وربما كان هو القائل، ولكن لظروف معينة لا يرى أن تنسب له القصيدة. لماذا لا يرغب بعضهم نسبة البيت إليه مع أنه هو من قاله؟ الأسباب كثيرة، لا تخفى على أحد، ومثل الشعر ما يقع في مجال النثر، فكرة ورأي، فإن هناك من يرى أنه لن يسمع لرأيه، ولن يوافق بالقبول، مع أنه صاحب رأي وحكمة، وهناك من يخاف، ومنهم من يداري، ومنهم من يتعمد بقصيدته الضرر، ومنهم من يرى الشعر المجهول قائله أكثر سريانا.. الخ. ومن يتتبع العديد من الحكم وعبارات الإرشاد وجيد الكلام يجد أنه مجهول المصدر أو القائل، مع أنها كلها مشرفة ولا نقص فيها بل تشرف من تنسب إليه، إلا أنها منسوبة لشخصية مجهولة، وقد نقرأ قولا فيه حكمة ينسب لحكيم، أو لشاعر أو لأعرابي، أو يقول الأول، يقول القائل. ويبدو أنهم في السابق وربما اللاحق لا يهمهم كثيرا القائل خاصة إذا تعذر اسمه، وإنما يهمهم مضامين القول نفسه ومدى فائدته، وقد تعود البعض على نسبة المعلومة غير المسندة لمصدر إلى شخصية وهمية، ولا يدعي أحدهم أن القول قوله بل يصرح بأنها عبارة عائمة مجهول قائلها. أما الشعراء والحكماء ومن يرغب التعبير عن رأي لكن يحول بينه وبين الإفصاح عن نفسه سبب يراه مقنعا كالعرف الاجتماعي أو الوضع السياسي أو تبعات شخصية ونحو ذلك، أو ليتجنب اللوم من أي جهة وأن قوله غير مرحب به لو صرح باسمه، فإنه ينظم القصيدة ويرميها في بحر المجهول وأفق الفضاء، قائلا في بدايتها: يقول القائل، مع أنه هو القائل لكن يمنعه قيود كثيرة وضوابط و نقد وانتقاد، وبالموازنة بين مكاسبه من الإفصاح والتجاهل يفضل التجاهل. وأما الإفصاح عن اسم الشاعر فكثير والعكس قليل جدا، فالشعراء في الغالب يفصحون عن أسمائهم، بل ويحرصون على متابعة إنتاجهم مبتعدين عن كل ما يمنع من نشره وتداوله، يخافون عليه من التعدي والسرقة ومن التحريف. وأخيرا من شعر الحكمة وجيد الكلام قول الشاعر مرشد البذال رحمه الله: ما يمدح الرجال بالشكل واللون ابحث معه لينك تعرف القريحة تراك تعرف عنه وأنتم تهرجون يبين لك من كل جودٍ نضيحه المستريح اللي من الشك مأمون مع كل خلق الله علومه مليحة كم واحدٍ حيٍ له الناس يثنون وإلى توفى قالوا الله يبيحه وكم واحد لو هو با الألحاد مدفون ذكراه عند الناس بيضا صفيحة وكم واحدٍ يجمع ملايين وخزون مالٍ تنميه اليدين الشحيحة لا تشكره رملا ولا فك مديون ولا حل مشكلة النطيح ونطيحة ولا له على جاره من الفضل ماعون لو إن جيرانه تشوف الذبيحة وكم واحدٍ جيران بيته يحمدون للجار ريف وللجماعة منيحة وكم واحدٍ منه العوادي يخافون زبن المخيف اللي كثير فحيحه ربعه نهار الضيق فيه يتذرون لاجا نهارٍ فيه لجه وصيحة وبعض الرجال بهم شريفين وعفون كل على ماقال يرجع لكيحه وبعض الرجال بضحكهم يستغلون يجيبها من نوع زلقة بطيحة هذاك بين له من الهرج مدفون خله إلا شافك يزين سميحه الهرج له نقال والرد للشون مزح الجزع يثر بكبدك جريحه هذا وأنا ماني من الناس ملسون لا شك أرفض من تزايد جميحه قلته وكل الناس غيري يقولون راع الظليمة لا تباطى مطيحه وقول الشاعر أحمد بن عبد الرحمن العريفي: والجاهل احذر لا تجادله يبلاك في كلمة بين المخاليق تعميك والهرجة العوجا لو أنه تنصاك حاول تجاهلها وخله تعديك ولا تخيب هقوة اللي تهقواك مادام جاء بين المخاليق ناصيك واحذر تهزا يافتى بخلق مولاك تشوفها باقرب قريبٍ يواليك ولاتفرح بزودٍ على الحق وإن جاك زودك ترى نقصٍ على حق ذوليك..