يُعَد الشاعر عبيد الدبيسي الجهني.. أحد أشهر الشعراء السعوديين المبدعين لما تميز به من تجربة تستحق الإعجاب، حيث انعكست أشعاره على الجمال والإبداع، فهو شاعر استثنائي عميق التجربة، صاحب خيال رفيع، وأسلوب فريد. فقد أثبت الدبيسي تمكنه من كتابة الأوبريت بدرجة الاحتراف على مستوى الخليج، «الرياض» التقت به للحديث معه حول مسيرته الشعرية، وتجربته التي تستحق التكريم والتسجيل. * عُرفت كشاعر من خلال كتابة أوبريت «الجنادرية 15» حدثنا عن هذه الانطلاقة القوية في مسيرتك الشِّعرية؟ * كتابة أوبريت الجنادرية أهم محطة في مسيرتي الشعرية حيث أحدثت لي نقلة كبيرة من خلال منبر إعلامي كبير من أهم منابر الوطن، أضف إلى ذلك أنه تم اختياري في أكبر مسابقة شعرية والوحيدة في مسيرة مهرجان الجنادرية، ومن بين أكثر من (100) شاعر كانوا يتصدرون المشهد الشعري في تلك الفترة، وهذا ما أعطاني ثقة كبيرة فيما أكتب. * بعد هذا العطاء الحافل بالتميز والنجاح.. ما أهم المحطات في مسيرتك الشِّعرية؟ * كثيرة حيث مثلت الوطن في عدة مهرجانات عربية منها: الإمارات والأردن ومصر، ومازالت مسيرتي الشعرية حافلة بالكثير. * كيف تقيّم الساحة الشِّعرية في الوقت الحاضر؟ -الساحة الشعرية مثلها مثل أي ساحة أخرى فيها المتميز والجيد وما دون ذلك وعلى قول المثل الشعبي: «اللي ما يعجبك يعجب غيرك» والقمّة تتسع للجميع. * مَن الذي تجده ينتصر في شِعرك: الحُبّ، الوطن، الألم؟ * الموقف والحالة هي اللي تستدعي الحالة الشعرية، فعندما يحتاجني الوطن تجدني هناك، وعندما احتاج الشعر في تجسيد الألم والمعاناة أكتب مشاعري بكل تجرد، وغالباً المعاناة هي المسيطرة على حالاتي الشعرية، هذا إذا ما أخبرتك أني عشت حياة قاسية جداً اكتنفها اليتم والفقر وظروف الحياة الصعبة. ماذا يستهويك: كتابة الأوبريت، أو شِعر التفعيلة المُغنّى، أو الشِّعر العمودي المُقفّى؟ * أكتب القصيدة المقفاة، وقصيدة التفعيلة المغناة، ومن خلال أوبريت «الجنادرية 15» هناك عدة لوحات كُتبت بقصيدة التفعيلة المغناة، أضف إلى ذلك عندي اطلاع على المقامات وبعض الإيقاعات اللحنية، وإلمام بالتراث الشعبي مما يساعدني كثيراً في كتابة أي أوبريت وبحرفية عالية. ما المعيار الحقيقي لكتابة الأوبريت الناجح؟ * ثقافة الشاعر، وإلمامه بالموروث الشعبي، وتوظيف التراث بشكل جيّد.. وهذا ما استخدمته في أوبريت «أمجاد الموحد»، وعدة أوبريتات أخرى منها: «عيدي يا طيبة» الذي تغنّى به الفنان خالد عبدالرحمن في مهرجان في المدينةالمنورة.. وأمنيتي أن أكتب «الجنادرية» من جديد وبرؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. * مَن مُلهمك في كتابة القصيدة؟ * الحياة.. بكل تقلباتها وأفراحها وأحزانها. * ماذا يقتل طموح الشاعر؟ * أكثر شيء يقتل طموح الشاعر الجحود، وعندما يُشاهد من هو أقل منه يتم تكريمه ودعوته للمهرجانات. * كيف ترى حضور الشعراء في مواقع التواصل؟ * لكل مجتهد نصيب، ومواقع التواصل ساعدت في إبراز الكثير من المواهب الشعرية، وكسرت الاحتكارية اللي كانت تفرض نفسها في الساحة الشعرية، وقلبت موازين كثيرة. * افتقدنا الحس الشاعري في بعض القصائد.. ما تعليقك؟ * بالفعل هناك قصائد معلبة، ولكن إلى جانب ذلك الذائقة الشعرية أصبحت تميز بين الغث والسمين وهي الفيصل في هذا الأمر. ومن الخطأ أن يتواجد الشاعر بأي شكل وليس كل ما يُكتب يستحق النشر، وعلى الشاعر أن يتأنى ويراجع قصيدته جيداً. * حدثنا عن مشاركاتك في مهرجان الشارقة للشِّعر النبطي؟ * شاركت في مهرجان الشارقة أكثر من مرة كشاعر وكضيف شرف وأعتبر هذا المهرجان أفضل مهرجان عربي من حيث الاحتفاء بالشاعر وبالأدب بشكل عام، بالإضافة إلى أنه برعاية الشيخ سلطان القاسمي هذه الشخصية الفذّة التي أبرزت الوجه المضيء للأدب العربي. * ما أصعب شيء واجهك في الشِّعر؟ * البروز، ووصول صوتي للناس في زمن كانت الساحة مغلقة وتسيطر عليها شللية قتلت الكثير من المواهب الشعرية، وكان اختياري لكتابة أوبريت الجنادرية فتحٌ كبير. * الكثير من قصائدك تعرضت للتعدّي من الآخرين.. لماذا لم تصدر ديواناً يحفظ حقوقك الأدبية؟ * بالفعل كثير من قصائدي سُرقت بالإضافة إلى أفكاري الشعرية وبالأخير لا يصح إلا الصحيح، وبالنسبة للديوان لديّ عدة دواوين إلا أن حقوق المؤلف في هذه الفترة غير مجزية وعلى وزارة الثقافة أن تلتفت لهذا الأمر فمن الظلم والإجحاف أن يستحوذ الناشر على 60 % من المبيعات، وهذا أمر غريب ولا أعلم لماذا وإلى متى يتحكم الناشرون في حقوق الأدباء والمؤلفين! سأحاول إصدار ديوان لأشهر قصائدي لمجرد التدوين. * ما القصيدة التي لا تزال في الذاكرة؟ * هناك الكثير من القصائد ولا أستطيع أن أؤطر تجربتي الشِّعرية في قصيدة واحدة. إلا أن «دمعة الحرمان» التي كتبتها في بداياتي الشِّعرية وتغنى بها صديقي الفنان كمال حمدي صاحب الصوت الشجي كانت إحدى المحطات المؤثرة والحزينة بنفس الوقت لارتباطهابمعاناة الكثيرين في تلك الفترة. * اشتهرت في الساحة الفنّية العديد من قصائدك بصوت نجوم الطرب.. ما أقربها لقلبك؟ * «لقمة عيش» علي بن محمد، «وينك؟» عبدالمجيد عبدالله، «مزيون» راشد الماجد «مثل السواحل «عبادي الجوهر، وهناك قصيدتان مسربتان بصوت عبدالمجيد وتغنّى بها الكثيرون: «العب السامرية، قمر عالي». * هل ترى أنك وصلت إلى درجة الاحتراف في كتابة القصيدة المُغناة؟ * أوبريت «الجنادرية 15» أثبت كفاءتي في كتابة الشِّعر المغنّى سواء المقفى أو التفعيلة، وصوت طلال مداح ومحمد عبده شهادة لتمكني في هذا المجال، علماً بأني لم أسعَ للأغنية، وأعتبر نفسي أمارسها كهواية، وابتعدت عنها واكتفيت بالأمسيات والقصائد المنبرية. وأنا أرفض أن أدفع ضريبة الشهرة، وفي حياتي ما هو أهم منها. لذلك الفنانون هم من بحثوا عن قصائدي، أما أنا فلم أبحث عمن يغني لي. * انتشر خليجياً مقطع عبر «السوشيال ميديا» لإحدى قصائدك تفاعل معه الكثير، يبحثون عن شاعرها!.. حدثنا عن هذا الأمر؟ * بالفعل انتشر خلال الأسابيع الماضية على وسائل التواصل شخص يلقي قصيدتي الشهيرة التي من ضمنها البيت الذي يقول: لو راس مالي قشعتينٍ من الشيح سويتهن فنجال كيف وشربته بالنسبة لي لا أعرف هذا الشخص، وقد استغل هذا الأمر مشاهير السنابات، وبعض الشعراء للترويج لأنفسهم، مدعين أنهم لا يعرفون صاحب القصيدة، ورغم أنها موجودة ومنشورة وموثقة، وسبق أن نشرتها عدة صحف ومجلات، ومن خلال هذا اللقاء أحب أن أقول لهم أنا في ذاكرة الوطن، وذاكرة الوطن لا تشيخ، ولن يضيرني تجاهلهم مع احترامي للجميع. يحق لي العتب عليهم في استغلال شِعري واسمي. * حدثنا عن دور الناقد في إبراز جماليات القصيدة والرفع من تدنيها؟ * الناقد المنصف هو من يكتب بكل تجرد عن أي قصيدة يتناولها بصرف النظر عن كاتبها، أما القصيدة المتدنية لا يستطيع الناقد تجميلها إذا ما عرفنا أن هناك ذائقة متلقي تعرّي تعزيز الناقد المطبّل لبعض الأسماء. * ما جديدك اللاحق؟ * لا جديد إلا الشِّعر فأنا متواصل مع القصيدة، وأتنفس الكتابة سواء حضرت أم غبت، وكثيراً ما أنظر للغياب أنه حضور. * كلمة أخيرة؟ * شكراً جريدة «الرياض» على هذا الاحتفاء الذي عودتني عليه، وعلى الحُبّ نلتقي. عبدالمجيد عبدالله راشد الماجد كمال حمدي خالد عبدالرحمن عبادي الجوهر الدبيسي أثناء تكريمه في مهرجان الشارقة