تتمثل أولى مبادئ نجاح الاستراتيجية الإدارية في قدرة المديرين على التحكم والسيطرة والتأثير على قواعد لعبة التنافس، ومن دون ذلك فإن إمكانات النجاح قد لا تكون لصالح هذه الاستراتيجية التنافسية التي وقع عليها الاختيار. أما الأدهى من ذلك هو أن الجميع يدعون استدامة التميز، ولكنك عندما تبحث عن التميز الإداري فلا تجده، وقبل أن نتعمق في أبعاد هذا المصطلح لا بد لنا من أن نؤكد بأنه منهج حركي ديناميكي مستدام لأنه من غير الممكن أن يكون غير ذلك، فالتميز إذاً مثله مثل السباق الذي لا يسمح لك بالتوقف لالتقاط أنفاسك وللاسترخاء حتى لحظة، لأنك بذلك ستفقد فرصتك في الفوز، وستترك غيرك يسبقك ويتميز عليك وينافسك، أي لا بد لنا من أن نقر قبل وبعد كل شيء بأن السباق هنا لا نهاية له أو لا يتوقف، ولكن ربما يحق لنا أن نستدرك بالقول إن آفاق التميز الإداري أو حتى تحقيق النجاح والتفوق بمحدداته وأساليبه ومدخلاته العديدة المتشابهة ما بين نظرية وفكرية وبحثية والتي كانت مزدهرة فيما سبق وأصبحت أكثر من عادية في الأمس القريب لم تعد سوى فاشلة في الوقت الحاضر، وأعني بذلك أن تميز اليوم قد يصبح شيئاً عادياً أو فشلاً تاماً غداً. وتكمن الخاصية الرئيسة الأولى والوحيدة للتميز الإداري المؤسسي في النظرة بعيدة المدى بعقلية متفتحة متكيفة مع توجهات المستقبل. تنص على أن التميز الإداري الياباني يتجسد في النظرة بعيدة المدى الهادفة إلى تشكيل المستقبل، ولا تزال هذه الافتراضات وسيلة التمكين في بناء القدرة والقوة الدافعة اليابانية القائمة أن تلك النظرة بعيدة المدى نحو فكرة تشكيل المستقبل فعملت على تحريك الإدارة اليابانية. حيث اكتشف اليابانيون فجوة تقنية في غفوة أشبه بالغفوة البريطانية التي استغلها الأميركيون سنة 1520 م، وهذا ما مكن اليابانيين خلال الفترة البادئة لعام 1920 م من استغلال وتبيئة الموارد التقنية في مصانعهم، مستغلين الفرصة التي أتيحت لهم في المعارف التقنية المستوردة والتي هضموها عن طريق تفكيك الحزمة التقنية ومعرفة أجزائها والبدء التحسيني في صناعة بعض هذه الأجزاء. إن التقدم في إدارة وتوجيه وتنمية موارد المعلومات التقنية قد يكون بنفس أهمية التقدم في ذات الموارد التقنية نفسها. نستنتج من هذا أن هناك ثغرة تقنية ظهرت فكانت فرصة أتاحت لليابانيين الاستفادة منها، فأخذوا ينتجون العناصر الرئيسة للسيارة بكميات قليلة تفي بمتطلبات الصناعة لأنهم في ذلك الوقت لم يكونوا قادرين على إنتاج أو تصنيع كميات كبيرة من تلك العناصر فكانت التكلفة في هذا المجال قليلة، فلم يفكروا بإيجاد مخزون كبير مكلف، فاتبعوا نظرية في الوقت المحدد (just in Time ) أي لا ضرر ولا ضرار، فلم يتورطوا بالمخزون الكبير المكلف، ولم يصنعوا كمية تقل عن اللازم. إن نجاح نظرية في الوقت المحدد يعكس تماماً النظرية القائلة إن تحقيق رغبات المستهلك كان المنطلق المحقق للمعجزة اليابانية. إن اكتشاف اليابانيين للثغرة التقنية المتمثلة في أن المستهلك وليس السلعة أو المنتج هو العنصر الأساسي في عصر التقنية الحالي. * الخبير الإداري