لمرات عديدة تحدثنا عن خطورة الأمن المائي، وهي مسألة مهمة على الصعيد الوطني برمته عندما صارت زراعة القمح والأعلاف تستنزف أكبر احتياطي لا يتجدد مما يوجب وقف هذا الإنتاج، وهو ما تعمل به دول ذات شح في هذا المصدر.. مصدرنا الأساسي هو التحلية، وهي مكلفة جداً بمنشآتها أو تمديداتها، ولا يمكن أن تغطي كل المملكة لاعتبارات تقنية واستراتيجية، وبالتالي لا يوجد مصدر مساند إلا المياه الجوفية والتي يجب أن تنظم وفق سياسة ترشيدية وتحكم بقوانين فعّالة.. هناك مصدر ثالث لو عمل على تنقية مياه الصرف الصحي للزراعة والصناعة، وبكفاءة المياه الطبيعية، وحتى المنازل والمراكز التجارية وغيرهما يمكن أن تصبح هذه المياه مصدراً لها وفق تقنيات معمول بها في الدول المتقدمة.. الإحصاءات تقول إن حصة الفرد عندنا تفوق دولاً تعيش على الأنهار والأمطار والبحيرات، وما لم يتوفر وعي شعبي، وتقوم الدوائر الرئيسية بنشر الإعلانات والإرشادات، ولا يمنع أن يكون نشر هذه الحقائق ضمن البرامج الإعلامية، والمناهج المدرسية والجامعية بحملة منظمة وبطرق علمية مبسطة تتيح للجميع فهمها والتفاعل معها، فإن الإهدار سيستمر في أهم مصدر في حياتنا.. أرقام الاحتياطيات في المخزون الأرضي، احتمالية وربما ليست دقيقة، وأمام تزايد السكان بنسب كبيرة، وتمدد المدن والقرى ، والاحتياجات الأخرى، فإن وجود مخزون احتياطي للطوارئ ربما يكون عاملاً مساعداً، لكن ظرفنا الحالي ومستقبلنا البعيد يفرضان أن نكون في طليعة دول العالم في تنشيط البحوث في التحلية بتكاليف بسيطة، وأن نعمل مع المجامع العلمية في شأن الوصول إلى مصادر مختلفة.. قد تكون التحلية هي المصدر الأساسي، لكن لو اقترنت هذه التقنية بوجود طاقة بديلة عن النفط الناضب في المستقبل البعيد ووصلنا مع دول العالم إلى الطاقة الشمسية، فربما نضمن موارد دائمة.. لقد أصبح السباق على الزراعة مكلفاً وحتى النخيل التي تعد مصدراً مهماً، فإن استنزافها لاحتياطياتنا، وما نصدره من تمور يأتي على مخزون المياه، وبالتالي مضاعفات الإنتاج التي فاضت عن احتياجاتنا ستكون خطيرة على المدى البعيد، وحتى السيول، وخزنها بواسطة السدود، فإن التغير المناخي جعلنا نتأثر بكميات الأمطار السنوية، حتى إن قرى ومدناً في الجنوب باتت لا تحصل على كفايتها مثلما كان في السابق.. الموضوع لا جديد فيه، لكن النُّذر التي تحيط بنا تفرض أن يكون الماء في صلب توجهاتنا وسياستنا، لأن الأمر يمسّ كل إنسان، ولعل ما يحدث وقت ذروة الصيف الذي تتزايد حرارته كل عام، أدى إلى توزيع الحصص بما يشبه الانقطاع المتواتر في البيوت.. عموماً المهمة صعبة ومعقدة، والمستقبل يفرض أن نفكر بجدية في أهم وضع لا يحتمل السكوت أو عدم الاهتمام به..