يواصل الاقتصاد السعودي تحسنه، بعد تجاوزه المخاطر التي أثرت على الاقتصاد العالمي بسبب جائحة «كورونا»، وتتفق التقارير العالمية في توقعاتها على استمرار النمو التدريجي للاقتصاد السعودي، حيث أصبح الطريق أمامه ممهدا لمواصلة النمو مستفيدا من التدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة آثار جائحة «كورونا» على الاقتصاد والقطاع الخاص، والتي وصلت إلى 150 مبادرة، إضافة إلى برامج رؤية 2030، التي لاتزال تحقق إنجازات استثنائية في تركيبة الاقتصاد المحلي. وتشير التقارير الصادرة حول الاقتصاد السعودي، إلى أن رؤية المملكة 2030، أسهمت ببرامجها الطموحة في تجاوز الكثير من تداعيات الجائحة، ونجحت في تعظيم الإيرادات الحكومية وتحقيق التوازن المالي بالمملكة ودفع مسيرة تنويع وتنمية الإيرادات، ورفع كفاءة وتعزيز الإنفاق الحكومي، ومراجعة المشاريع الحكومية، والتأكد من تحقيقها للأثر الإيجابي المرجو، سواء على صعيد الاقتصاد الوطني أو المواطنين، إضافة إلى طرح العديد من المبادرات وفي مقدمتها حزم التحفيز للقطاع الخاص. وآخر هذه التقارير ما جاء في البيان الختامي الصادر الخميس الماضي عن مشاورات المادة الرابعة الافتراضية لعام 2021 لخبراء صندوق النقد الدولي، حيث أكد الخبراء استمرار تعافي الاقتصاد السعودي، وتباطؤ تضخم مؤشر أسعار المستهلكين، متوقعين أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي 4.3% خلال العام الجاري، و3.6 % خلال العام 2022، فيما تشير توقعات الصندوق إلى قيادة القطاع الخاص للنمو في العام الجاري ليبلغ 5.8%، ويستمر على المدى المتوسط والطويل بمتوسط نمو قدره 4.8%. وأشاد الخبراء باستجابة حكومة المملكة السريعة والحازمة لجائحة فيروس كورونا (كوفيد – 19)، وأن الإصلاحات الطموحة التي كانت جارية في إطار رؤية المملكة 2030 لعبت دوراً رئيساً في الحد من الآثار السلبية للجائحة على الاقتصاد السعودي، إضافة إلى الجهود المبذولة للتنسيق بين الجهات الحكومية والإنشاء المبكر للجنة العليا لاتخاذ التدابير والاحترازات اللازمة للحد من انتشار الوباء، وتسارع التحول الرقمي للحكومة والخدمات المالية، وإصلاحات سوق العمل، والإمكانات المتوفرة لتنفيذ السياسات الاقتصادية، التي مكنت الحكومة من إدارة الأزمة بشكل جيد. كما أسهم «برنامج دعم تمويل القطاع الخاص» الذي أطلقه البنك المركزي السعودي في مساندة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مواجهة تحديات الجائحة، كما أكد تقرير مشاورات المادة الرابعة نجاح سياسات دعم الاقتصاد غير النفطي، وأشاد بدور «اللجنة رفيعة المستوى» في إدارة الأزمة بشكل فعال واستباقي، بالإضافة إلى تدابير الاحتواء المبكر والصارم التي أدت إلى الحد من عدد الحالات والوفيات. وحول أداء الاقتصاد حالياً، أشار البيان إلى أن إصلاحات سوق العمل ستعزز تنافسية وجاذبية سوق العمل للعاملين فيه واستقطاب ذوي الكفاءات والمهارات العالية، وفيما يتعلق بالإصلاحات المستمرة لتعزيز دور المرأة في الاقتصاد السعودي، توقعوا استمرار الارتفاع في معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة حيث ارتفعت نسبة المشاركة بمقدار 13 نقطة مئوية إلى ما يزيد على 33% على مدار العامين الماضيين. كما توقع البيان أن يستمر نمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص بقوة، مدعوماً بالتمويل العقاري وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وعدّوا إصلاحات نظام الضمان الاجتماعي خطوة مهمة؛ لتعزيز إطار تقديم الدعم لذوي الدخل الأقل، كما أشار خبراء صندوق النقد الدولي إلى وفرة موارد الطاقة المتجددة في المملكة، وأنها ستجذب مستثمري القطاع الخاص المحليين والأجانب، كما رحبوا بالإعلان رفيع المستوى عن استراتيجية المناخ السعودية والتزام حكومة المملكة بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة. وحول المالية العامة والشفافية، أكد تقرير خبراء الصندوق أن المملكة تحرز تقدماً مهماً لزيادة الشفافية في إطار المشتريات العامة، بما في ذلك ما تم من خلال «منصة اعتماد»، كما أثنى البيان على الوتيرة المميزة في إصلاحات السوق المالية لزيادة السيولة والعمق في أسواق الأسهم والسندات المحلية، بما في ذلك إتاحة وصول أكبر للمستثمرين الأجانب وتوسيع أدوات ومنتجات السوق المالية كإدراج صناديق العقار المتداولة (ريت) والمشتقات المالية. وأشار الخبراء إلى أن سيولة النظام المصرفي السعودي تُعد في مستويات مريحة. وتطرق البيان الختامي، إلى الشمول المالي والتكنولوجيا المالية، مبيناً أن قطاع التكنولوجيا المالية في السعودية تطوّر بشكل سريع، بدعم من البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية، مشيراً إلى استمرار مناسبة ربط سعر الصرف بالدولار الأميركي وحجم احتياطيات المملكة المرتفعة. وتعليقا على ذلك قال وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان: إن البيان أبرز المؤشرات الحالية والآفاق المستقبلية الإيجابية للاقتصاد السعودي، الذي نجح في اجتياز الكثير من العقبات والتحديات التي واجهها العالم خلال هذا العام والذي قبله؛ ما أسهم في الحفاظ على الاستدامة المالية التي عززت من متانة وقوة الاقتصاد السعودي، مؤكداً الدور البارز للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي أجرتها حكومة المملكة في ظل رؤية 2030 وإسهامها في تحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل. ورحب الجدعان بإشادة خبراء صندوق النقد الدولي بجهود المملكة في التخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية لجائحة كورونا. يذكر أنه سبق صدور بيان عن بعثة خبراء صندوق النقد الدولي إثر اختتام مشاورات المادة الرابعة الافتراضية مع المملكة العربية السعودية لعام 2021،التي جرت خلال شهر (أبريل 2021). ويأتي هذا البيان الختامي تأكيداً للنتائج المبدئية التي توصل إليها البيان السابق.