عرّف كيث هاميلتون وريتشارد لانجهورن الدبلوماسيةَ في كتابهما (ممارسة الدبلوماسية.. تطورها ونظريتها وإدارتها) على أنها "السلوك السلمي للعلاقات بين الكيانات السياسية"، واعتبرا أنه لم يكن لها دورٌ تلعبه في الشؤون البشرية أكثر مما تلعبه في دورها الراهن اليوم، ومعلومٌ أنه قد تطورت أنواعها وتعددت أشكالها وآلياتها عبر الزمن، وظَلَّ من أسمى أهدافها الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وتعزيز التنمية المستدامة حول العالم، وليس أفضل من تحقيق ذلك عن طريق المبادرات النوعية والمبتكرَة التي تعزز الشراكة الإنسانية، وتحقق الرفاه للعنصر البشري - الذي هو الوحدة الأساسية الطبيعية المكونة للكيانات السياسية، والمسيّرة لها - ويكون نجاحها الملموس حين تتجاوز مساهمتها في التنمية المحلية الوطنية إلى المستوى العالمي. وحين يكون الحديث عن ذلك فليس أجدر من استحضار الدور السعودي الرائد والمتجدد في سبيل تحقيق هذه القيم السامية، ومن آخره ما تجسّد مؤخراً في مبادرة الرياض لمكافحة الفساد عالمياً، وما حظيت به من ترحيب المجتمع الدولي واحتفائه بها، ولقيت إشادةً خاصة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وقبل ذلك بأسابيع كان مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - قد ترأس وفد المملكة في قمة القادة حول المناخ، والتي كان قد دعا إليها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وتضمنت كلمته - أيده الله - التأكيد على ما أعلنه سمو ولي العهد لمبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر بما يرفع من مستوى التعاون الدولي لمكافحة التغير المناخي وتحقيق المستهدفات المناخية عالمياً لإيجاد بيئة أفضل للأجيال القادمة. لقد كان هذان المشروعان المقدمان بطريقة مبتكرة وغير تقليدية، قيمةً إضافيةً على المستوى الوطني، إضافةً إلى المنظومة الإقليمية والدولية، وبدا ذلك واضحاً في سرعة الاستجابة لهما، والترحيب والإيمان بهما، وفي ذات الوقت جاءت معبرةً عن العملية الحيوية والديناميكية التي خلقتها رؤية 2030 في أجهزة الدولة، تحت قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد - حفظهما الله -، ومساهمتها في إذكاء الروح المتحفزة للعطاء، والمتطلعة للإنجاز، والمؤسِّسَة لمبادرات نوعية تتجاوز منافعها حدود الوطن إلى الإنسان في كل مكان.