ديوان "... والرمان إذ يزهر!!" للشاعر يوسف العارف، يعد التشكيل الفني والبنائي لغلاف أي كتاب علمي كان أو في الثقافة العامة أو أدبي إبداعي.. إلخ، عتبات أولى تقرب فهم النصوص على مستوى الدلالة والبناء والتشكيل، وفي الغالب ما يشتمل الغلاف على اسم المؤلف، والعنوان، والنوع الفني لمنتوجه الإبداعي، وحيثيات التصميم، والنشر، واللوحة التشكيلية، أما ما يخص محتوى الغلاف الخلفي؛ فنجد مقطوعة من النص الأثير -ربما- لدى صاحبه للبرهنة على ذلك باعتبارها موجهات لقراءة النصوص، أو رأي لمطلع سبق طباعته. وفي ديوان: "... والرمان إذ يزهر!!" للشاعر يوسف العارف وردت صيغة العنوان بتركيبة لغوية تنفتح على دلالات وأبعاد متعددة مكتوبة بخطٍ مثقل على خلفية بيضاء، كما وردت مفردة "والرمان" مضبوطة بالشكل تسبقها ثلاث نقاط ما جعل هذه الصياغة تنفتح على أكثر من أفق فهمًا وتأويلاً، وكأن هذا السلوك لإعلان طفيف عن مصوغ توكيدي، فهي تأملات القارئ ليملأها على نحو يتلمس فيه رؤية أكثر اتساعًا وشمولية. وإذا ما تجاوزنا قليلا نجد أن العارف عمد إلى إثبات النوع الأجناسي بخط أقل حجمًا، ولون أسود لتحديد جنس العمل الإبداعي، وتمثله صيغة "شعر"، وهو "العاشر" في مسيرته الشعرية بعد دواوينه: "كلما" و"عند الصباح لا يحمد القوم السرى" و"أناشيد من بينانج" و"من المحبة تنبت الأشجار" و"تبللت بالصحو حتى أفاق المطر" و"الرمل ذاكرة والريح أسئلة" و"عندما يورق الزنجبيل" و"وطني عشقتك مجدا حملتك وجدا" و"في آخر السطر و بعدها". وعند العودة إلى الديوان الذي نحن بصدد الحديث عنه وهو من مطبوعات ونشر "النادي الأدبي بمكة مع دار الانتشار العربي" الطبعة الأولى 2018م. وقد عمد العارف إلى اختيار عتبة الغلاف بعناية لكونها بمثابة الهمسة للقارئ، فإذا دقّقنا النظر في تلك اللوحة لديوان: "... والرمان إذ يزهر" بتكويناتها البسيطة المتمثلة بصورة فاكهة الرمان، ورمزيتها التي تجنح نحو معنى الإثمار والينوعة. وبقراءة أكثر سبرا، فإن التشكيلي والشاعر يتقاطعان في الرؤى والأحاسيس، فالعارف كان على وعي كبير حينما عمد إلى انتقاء هذه اللوحة بدلالاتها المركزة لتكون في واجهة الغلاف الأمامي لديوانه، ليقدم لقارئه رؤيته وتأملاته واستدعاءاته لماضيه وآماله من خلال رسالة تشكيلية معينة. وفي تقريب للمحتوى الفني لهذا الديوان نجده قد تضمن عدة موضوعات راوحت بين ماضيه وما كان من معايشاته له، وبين الحاضر وتداعياته. تلك الموضوعات جاءت وفق تقسيمات ارتضى لها الشاعر هذه الطريقة في عرضها لمتلقيه، وهذه التقسيمات هي: 1- فضاءات شعرية، و تسبح فيها إحدى عشرة قصيدة، أولاها قصيدة: رحلة عاتية، وآخرها: "نعم قودي لنا السيارة!!" في سياقات متعددة بين ال(الأنا) وال(نحن). 2- تأملات ذاتية، منها نص "غفرانك" إلى نص "سامحني فأنا عبد مسكين" في ابتهالات ومناجاة ترفدها مراحل السن والنفس الإنسانية الصافية المدركة لطبيعة الحياة. 3- قطرات من المشاعر، تغاريد غزلية (ق.ق.ج)، وفيها النصوص الآتية: "رزان، فتاة من شنقيط، سلاف، صهيلها، شاعرة، في الممشى، الماء والكأس، ابتسامة، في رحاب عكاظ". 4- مقامات حجازية، تضمنت نصوصها: 1- تقاسيم على مقام العيون، منها: "قزحية العينين، عينان تضحكان، العيون الجريئة، العيون الكحيلة، العيون الحوراء، سحر العيون". 2- تقاسيم على مقام الأنوثة، وتمثلها أرقام من 1 - 14 تمثل معزوفات قصيرة. هذه نظرة موجزة على عتبات تشكيل ديوان: "... والرمان إذ يزهر"، وعنونة النصوص الشعرية وأساليبها للشاعر يوسف العارف بما تتضمنه من علامات لغوية وبصرية، وما اشتملت عليه من علامات سيميائية ومؤشرات.