نعيش في مساجدنا وخاصة في العواصم بين متناقضات، إما مساجد تحجز وظيفتي الإمام والمؤذن قبل نهاية البناء، وربما من وقت وضع الأساسات، وقد يساهم الإمام أو المؤذن القادم في الإشراف على التنفيذ أو تنسيق التأثيث ليتحقق الحُلم بعد الاكتمال واستلام السكن الذي يوفر لكليهما مالا يقل عن 5000 ريال شهرياً، ويسلم من دفع إيجار سيرهق ميزانيته حتى لو كانا من أصحاب الدخل الجيد، وبين مساجد لا تحمل هذه الميزة التنافسية وتبقى أحياناً دون إمام أو مؤذن إلا من أهل الحي القريبين من المسجد ولو كان صوت الإمام غير حسن وتأهيله غير شرعي ومثله المؤذن، وربما تم تعيين إمام أو مؤذن غير سعودي إذا وجد إحجام عن شغلهما لعدم وجود مزية "السكن" التي تؤكد بوضوح تام الفرق بين الاحتساب والاكتساب، وقد يتدخل المسؤول بترشيح الإمام والمؤذن أو من تربطهم به علاقة عمل من أجل جاهزية البيت واستهدافه بالذات في المقام الأول ويتمسكان بالمنزل مهما كانت المبررات ويقدمان سيلاً من التنازلات للفوز بذلك. وإن وجد من يرى أن في المسألة سعة ولا يمكن أن يقول أحد بعدم جواز البحث عن مسجد مخصص لإمامه ومؤذنه سكن، ولكن المحُزن هو الضعف والانكسار من الجهة الرقابية على المساجد وعدم المحاسبة بالإنذار أو الإبعاد لإمام غير ملتزم أو مؤذن مرافق والعذر عدم تعيينهم على وظائف رسمية ناسين أن توفير المنزل هو الهم الأكبر لهما ويوفر ما يفوق المكافأة الشهرية المصاحبة للترسيم ولا يدفعون غير استهلاك الكهرباء والماء، وهذه هزيمة وضعف لا يقبلها الله ولا المسؤول الأول في الوزارة ولا يتناسب الحال مطلقاً مع عصر الحزم ومؤشرات وتقارير الأداء والحوكمة، وللإيضاح فإن مكافأة المؤذن الشهرية حسب فئة المسجد إما 1350 ريالا أو 1750 ريالا، والمكافأة الشهرية للإمام غير الخطيب 1850 ريالا أو 2350 ريالا أو 2750 ريالا، ومكافأة الامام الخطيب إما 3500 ريالا أو 4500 ريالا، ومكافأة الخطيب الاحتياطي 500 ريال لكل جمعة، والسؤال: كيف سنضبط مساجدنا وتؤدي رسالتها وتصلى فروضها بتمام الالتزام. قبل الختام.. طرحت الوزارة الآلاف من الوظائف الرسمية للأئمة والمؤذنين وبمرتبات مقبولة ولم تجد الإقبال شبه المطلق لأن الهدف ليس الوظيفة في الأصل ويسرني تقديم مقترحات تحقق نفعا أكبر وأصدق وفائدة أعم وأشمل: * لا حاجة لتعيين المستغنين من القيادات والقضاة والأكاديميين وأصحاب الدخل الجيد على وظيفتي إمام أو مؤذن (مع حفظ قدرهم) فمزايا هياكلهم الوظيفية كافية ومرتباتهم عالية وغيرهم يحتاج المكافأة ليعيش بكرامة أو السكن ليستر نفسه وأسرته، وقد يخصص لمن يملك الرغبة والوقت منهم مهمة الداعية المتجول بمكافأة شهرية 3000 ريال أو الخطباء الاحتياط بمكافأة شهرية قدرها 2000 ريال شريطة أن يؤم المصلين ويخطب الجمعة أربع مرات في الشهر. * لا حاجة لتعيين منسوبي الوزارة في تلك الوظائف مطلقاً، ليس لعدم كفاءة أو مقدرة أو تأهيل ولكن لتعارض مصالح واضح مما يخالف أنظمة الحوكمة والوضوح والشفافية وقد لا يخدم المسجد ولا جماعته عند وجود اختلاف رأي. * لأجل الاستخدام الأمثل لموارد الدولة يستحسن إيقاف المكافأة الشهرية عن الإمام والمؤذن عند توفر السكن أو يخير بينهما، وهذا ليس من باب الحسد واتباع الهوى وإنما لتوزيع الفائدة والمنفعة وعدم تخصيصها والحق أحق أن يتبع. * لأجل الانصاف فإن الوظائف يجب أن تخصص للمساجد التي ليس لها سكن لتكون ميزة جذب خاصة في مدن الأطراف التي تعني لهم المكافأة الشهرية الشيء الكثير، مع العلم أن عدد المساجد في المملكة زاد عن 100 ألف مسجد والمرسم بوظائف لم يتجاوز 30 % من العدد، وهذا يجعل دراسة الأولويات أشد حاجة من منح المكافأة لإمام ومؤذن مسجد يستفيدا من السكن والمكافأة الشهرية ويحرم غيرهم في مسجد آخر هما أشد حاجة ومتساويان في المسؤولية. ختاماً.. ليس سراً فلقد انتبهت الوزارة أن الإمام والمؤذن في بعض المساجد يؤجرون منازلهما بمبالغ خيالية ويسكنون في شقق تناسب حجم الأسرة ويوفرون ما لا يقل عن 50 % من الإيجار المنزل (مكافأة + إدخار+ سكن مجاني) وقد يكون سكنهم مع والديهم أو من سكان الحي ويملكون منازل خاصة، وهي ليست حالات فردية وإلا لما أصدرت الوزارة تعميما بعدم تأجير منزل الإمام والمؤذن والإلزام بالسكن فيها، وقد يحظون بازدواج في المنفعة ومنح أكثر من مكافأة.