الواقع أنني أتألم لتألم معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد من تعامل أئمة المساجد ومؤذنيها مع الوزراء، فكثير من المساجد مما قام بعمارتها أهل الخير والإحسان يتبعها بنيان للإمام والمؤذن قد يكونان في عمارة واحدة، وقد يكون كل واحد منهما مستقلاً عن الآخر بأرضه ومداخله. وكل مسجد سكنه بجواره لاصقاً به أو نحو ذلك والقصد من بناء السكن بجوار المسجد أن يكون عوناً للإمام والمؤذن في أداء وظيفته. إن معالي الوزير يتألم من خفَّة موازين مجموعة من الأئمة والمؤذنين لأمانتهم في مسئولية الواحد منهم عن المحافظة على محراب المسجد لأوقات الصلوات الخمس وعلى مكرفون المأذنة ونحن نتألم معه، وحينما عرضنا الأمر على معاليه قال: لقد علمتم شيئاً وغابت عنكم أشياء، حيث إن الواقع المرير لدينا أن كل شهر تقريباً نصدر ما يزيد على المائتي قرار طي قيد ما بين إمام ومؤذن، وإننا في الواقع أمام إحراج من قلة مكافأتهم، إذ لو كانت المكافأة مجزئة أو قريباً من ذلك لكان للوظيفة حافز ومثبت. ومع ذلك فنحن نقوم بما نستطيعه من معالجة الوضع. والحقيقة أنني أعذر الوزارة وأقدر ما هي فيه من إحراج وأتوجه إلى حبيبنا وقائدنا المفدى، بالاحتساب عند الله بخدمة بيوت الله بالنظر في اعتبار وظيفة الإمام والمؤذن وظيفة رسمية تصنف تصنيفاً يتفق مع رسالة هذه الوظيفة وما ذلك على أبي متعب بعزيز. وعلى أي حال، فالوزارة لا ترسل مراسليها للبحث عن إمام أو مؤذن، وإنما يأتون إليها برغبات من أنفسهم ويبذل ما يمكن بذله من وساطات ووجاهات لقبول رغباتهم والتعيين لا سيما إذا كان للمسجد بيت للإمام ومثله للمؤذن، فأتمنى من الوزارة بعد التعيين أن تأخذ من الواحد منهما تعهداً بالسكنى في مسكن المسجد وأن تمنعه من تأجيره وإن حصل منه ذلك فتفسخ الايجار ويطوى قيد المخالف. أذكر أن إمام ومؤذن مسجد قريب من بيتي كانا يتخلفان معاً أو يقوم أحدهما بعمل المتخلف على سبيل التنسيق بينهما وحينما اعترضت عليهما قالا إن المسجد لم يتعطل وإذا غاب واحد قام الآخر بعمله، حيث جرى التنسيق بيننا بذلك. فقلت لهما يا اخواني إذا كان التنسيق مقبولاً بحيث يكفي حضور أحدهما عن الآخر فلماذا لا تستفيد إدارة المساجد من ذلك وتكتفي بتعيين إمام يقوم بعمل المؤذن أو مؤذن يقوم بعمل الإمام وتكتفي إدارة المساجد بمكافأة واحد بدلاً من إثنين. وفي نفس الأمر النظر من قبل فقهاء المسلمين في الاكتفاء للمسجد بواحد يقوم بالإمامة والأذان والفتوى بعدم الحاجة إلى إمام ومؤذن بل يكفي واحد منهما عنهما. من جانب آخر مفروض ألا يتقدم للإمامة أو للأذان، إلا من هو آخذ الاحتساب في ذلك أملاً في حصول الاجابة لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرشاد للإمام وللرحمة للمؤذن، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: اللهم أرشد الأئمة وارحم المؤذنين. فأين الاحتساب أيها الأئمة؟ وأين الشعور بثقل الأمانة والخوف من التساهل في أدائها؟ وأين النظر في معنى الإمامة ووصفك أيها الإمام بإمام المصلين وأن لصلاتك إماماً تعلقاً بصلاة المأمومين وبتعليمهم وإفتائهم وتتبع أحوالهم. أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم والله المستعان. * عضو هيئة كبار العلماء