لقد أضاعت القوى الدولية، ومنها الولاياتالمتحدة، كثيراً من الجهود، وأهدرت كثيراً من الوقت، لتُدرك بأن جماعة الحوثي لا تسعى إطلاقاً للسلام. نعم، لقد وصلت الولاياتالمتحدة، بعد وقت طويل، للنتيجة التي يُفترض أن تعرفها مُنذُ انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية وهي؛ بأن جماعة الحوثي تتحمل المسؤولية الكبرى عن الصراع في اليمن وما نتج عنه من معاناة إنسانية عظيمة لأبناء اليمن الكِرام.. "نتمنى أن الحوثي يجلس على طاولة المفاوضات مع جميع الأقطاب اليمنية للوصول لحلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن أيضاً مصالح دول المنطقة. العرض مقدم من المملكة العربية السعودية بوقف إطلاق النار وبالدعم الاقتصادي وكل ما يريدونه مقابل وقف إطلاق النار من قبل الحوثي والجلوس على طاولة المفاوضات". جاءت هذه الإجابة الكريمة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في سياق رد سموه الكريم على تساؤل يتعلق بمستقبل الوضع في اليمن في ظل رفض جماعة الحوثي لمبادرة وقف إطلاق النار التي أعلنتها المملكة في 22 مارس 2021م. هذا الإجابات الواضحة والمباشرة لسمو ولي العهد -وفقه الله- التي جاءت ضمن اللقاء التلفزيوني، في 27 أبريل 2021م، وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية، تعبر بجلاء عن سياسة المملكة المتبعة تاريخياً في دعمها للأمن والسلم والاستقرار على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وتؤكد للرأي العام وللعالم أجمع بأن أمن وسلم واستقرار اليمن، ورفع الظلم والمعاناة عن أبناء الشعب اليمني، يأتي على رأس أولويات واهتمامات سياسة المملكة العربية السعودية. هكذا كانت وما زالت وستظل سياسة المملكة تجاه اليمن بعروبته الأصيلة، وتجاه شعبه الكريم الذي يستحق أن يعيش بسلام وأمان ورفاه ورغد عيش. نعم، لقد وقفت المملكة بمبادئها السامية وعروبتها الأصيلة مع استقرار اليمن، ووقفت بحزم وقوة مع الشرعية اليمنية ورئاسته المعترف بها دولياً، وعملت باستمرار على رفع الظلم والمُعاناة الواقعة على أبناء اليمن بسبب انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية وسيطرتها المسلحة على صنعاء عاصمة الدولة اليمنية. نعم، لقد حرصت المملكة على سيادة اليمن، وعملت على منع التدخل في شؤونه الداخلية، وقدمت المبادرات السياسية لإنهاء الخلافات بين الأطراف اليمنية، وطالبت المجتمع الدولي بدعم حكومة اليمن الشرعية وإدانة جماعة الحوثي الانقلابية لوقف معاناة أبناء اليمن. نعم، لقد أدركت المملكة مُبكراً حجم المعاناة الإنسانية الواقعة على أبناء اليمن بسبب انقلاب جماعة الحوثي وسيطرتها المسلحة على بعض المناطق اليمنية المكتظة بالسكان، فقدمت جميع أنواع المساعدات الإنسانية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وحثت المجتمع الدولي على الوقوف صفاً واحداً لرفع أسباب الظلم والمعاناة الإنسانية الواقعة على أبناء اليمن. نعم، لقد تبنت المملكة سياسات بناءة ساهمت مساهمة مباشرة في تخفيف المعاناة الإنسانية لأبناء اليمن، وسعت باستمرار لتعريف المجتمع الدولي بالمُتسبب الرئيس بعدم استقرار اليمن وبما يعانيه أبناء اليمن من ظلم ومعاناة إنسانية وغياب تام لحقوقه الشرعية. نعم، لقد بذلت المملكة جهوداً عظيمة في سبيل إنهاء الأزمة اليمنية بالطرق السلمية حرصاً على سلامة الإنسان اليمني والمحافظة على بنية دولته التحتية، وطالبت القوى الدولية الفاعلة بالعمل معاً لإنها أسباب الصراع ووقف التدخلات الخارجية السلبية في الشؤون اليمنية، إلا أن هذه الجهود السامية والدعوات النبيلة لم تجد حُكماء ليفهموا غاياتها، ولم تجد عُقلاء يستوعبوا ويقرؤوا أهدافها. فبدلاً من الاستماع بعناية لحكمة السياسة السعودية، ولبعد نظر وسداد رأي قادتها الكِرام؛ اجتهدت بعض الأطراف الدولية اجتهادات أدت لمزيد من المعاناة الإنسانية لأبناء اليمن، وساهمت مساهمة مباشرة في زيادة تمكين حالة الانقلاب على الشرعية اليمنية. نعم، لقد تبنت بعض القوى الفاعلة سياسات ناعمة ومواقف لينة جعلت الحوثي يعتقد بأن انقلابه على الشرعية مقبول، وبأن ممارساته المتطرفة قانونية، وبأن حقوق أبناء اليمن الإنسانية يمكن انتهاكها وسلبها والتعدي عليها. نعم، لقد اجتهدت بعض القوى الدولية، ومنها الولاياتالمتحدة، حتى أنها لم تدرك بأن سياساتها اللينة تعني لجماعة الحوثي قبولاً غير مشروط بممارساتها المتطرفة وبسلوكياتها غير القانونية وبرفضها المتواصل للمبادرات السياسية والأمنية والعسكرية. نعم، لقد أضاعت القوى الدولية، ومنها الولاياتالمتحدة، كثيراً من الجهود، وأهدرت كثيراً من الوقت، لتُدرك بأن جماعة الحوثي لا تسعى إطلاقاً للسلام. نعم، لقد وصلت الولاياتالمتحدة، بعد وقت طويل، للنتيجة التي يُفترض أن تعرفها مُنذُ انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية وهي؛ بأن جماعة الحوثي تتحمل المسؤولية الكبرى عن الصراع في اليمن وما نتج عنه من معاناة إنسانية عظيمة لأبناء اليمن الكِرام. نعم، إنها النتيجة التي توصلت لها الولاياتالمتحدة وعبرت عنها وزارة الخارجية الأمريكية في الخبر الذي بثته رويترز في 4 يونيو 2021م تحت عنوان "أمريكا: الحوثيون "يتحملون مسؤولية كبرى" عن الصراع في اليمن"، وجاء فيه التالي: "قالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة إن جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران تتحمل مسؤولية الإخفاق في التوصل لوقف لإطلاق النار، متهمة إياها بعدم اتخاذ خطوات نحو تسوية الصراع. وذكرت الوزارة في حين تثير أطراف عديدة مشاكل داخل اليمن، يتحمل الحوثيون مسؤولية كبرى عن رفض المشاركة الدؤوب في وقف إطلاق النار واتخاذ خطوات لحل النزاع المستمر منذ ما يقرب من سبع سنوات والذي تسبب في معاناة تفوق الوصف للشعب اليمني.. وبعد عودة ليندركينج من زيارة في الشهر الماضي، اتهمت وزارة الخارجية الحوثيين بأنهم تسببوا في تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن بعد مهاجمة مأرب". وفي الختام من الأهمية القول بأن جماعة الحوثي عليها أن تُدرك بأن مبادرات السلام المطروحة من مبدأ القوة لا تعني إطلاقاً القبول بممارساتها غير القانونية، وإنما تمنحها فرصة تاريخية لإنهاء الصراع في اليمن بالطرق السلمية، لإثبات نوايا الجماعة الوطنية، وحفاظاً على اليمن ومقدراته وموارده القومية، ومنعاً للتدخلات الإقليمية والدولية الساعية حتماً لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب مصالح اليمن وأبنائه وحقوقه السيادية. إنها معادلة سياسية قائمة مُنذُ عدة سنوات يمكن قراءتها بوضوح لمعرفة الحالة اليمنية بعيداً عن الأهواء والرغبات والاجتهادات غير المدروسة التي تسببت بمزيد من المآسي الإنسانية في اليمن، وبمزيد من حالة عدم الاستقرار إقليمياً ودولياً.