النجاح والتميز دائماً يُولد من رحم الأزمات، فعلى مرأى من أعين الجميع شاهدنا جميعاً إمكانيات وزارة الصحة خلال الأزمة العالمية الحالية في فترة وجيزة وذاع صيتها الذي تجاوز الحدود لتُشيد بها العديد من الدول بكامل إمكانياتهم وقدراتهم الطبية وإشادتهم بقدرة تحدي هذه الوزارة الجوهرية والتي أضحت في سباق واضح مع بقية الوزارات في احتواء هذا الوباء والقدرة على تخطي العقبات الصحية والمنحدرات القاتلة لكل مجال إبداعي. ولكن تساؤلي هنا في ظل هذه الجائحة التي كشفت العديد من نقاط الضعف في بعض استعدادات جهات أخرى لهذه الجائحة العالمية، ومن أهم هذه الجهات الاستعداد لموسم الصيف بسياحة تتواكب مع التطلعات، فالأغلب حالياً يتوجه للسياحة الداخلية لمزيد من الشعور بالأمان في داخل الوطن، فالكثير منا وحتى هذه اللحظة لازالت تساوره العديد من المخاوف عند التفكير في السفر للسياحة الخارجية لقضاء وقت ممتع غير محفوف بالمخاطر لما يحدث من انتشار للوباء عالمياً بصورة مرعبة للجميع. وهذا الوضع الحالي هو ما يظهر لنا مدى إمكانيات ومقومات السياحة الداخلية لدينا وجاهزيتها واستعدادها لاستقبال السائح الداخلي والخارجي في المستقبل القريب الذي هو جزء من رؤية 2030 للارتقاء بالسياحة وجعلها من ضمن الأهداف المنشودة لصناعة السياحة في المملكة العربية السعودية. فبعد إقفال المنافذ جميعها، وتوجه الناس للمصايف وللشواطئ الداخلية بدا لنا أن هناك ضعفاً في الإمكانيات مع وجود بعض الاستغلال وارتفاع الأسعار المبالغ فيه دون وجود قيمة فعلية مقابل المادة المدفوعة الذي يبرر هذا الشيء، فالبعض أصبح يلهث محاولاً استغلال الوضع الراهن وما حل على الجميع من عدم وجود وجهات متعددة للسياحة والسفر واقتصارها على أماكن بالكاد تكون محدودة وحتى أن بعض هذه الأماكن لم يتم اكتمال استعدادهم بشكل كامل لتلقي الأفواج المتلهفة للسفر والخروج من أجواء الحظر التي خيمت لفترة من الوقت على البلاد. فخلال زيارة قصيرة لي لإحدى المدن الساحلية التي تعتبر من الوجهات الأولى للسياحة الداخلية والتي قد تكون مدينة جاذبة لكثير من السياح الدوليين عامة والخليجيين خاصة لقربها من دول الخليج والتي لا تتطلب سوى عبور الحدود لتكون ضمن أحد أبرز المدن عالمياً والتي من المفترض أن تتصدر المناطق السياحية في الدولة، لكنني لاحظت ما قد يطلق عليه بعض الإخفاقات التي تصدرت المشهد من القطاع الخاص في استغلال هذا الموسم لصالحهم وعدم تمكنهم على الوجه المطلوب لمواكبة ما تتطلع له الدولة من تطوير على كافه القطاعات وما وفرته لهم من تسهيلات وإمكانات لاستقبال الوفود السياحية من مواطنين ومقيمين على حد سواء واعتبار أن هذه الجائحة مثل بوابة أمل لإعادة بناء الثقة بين السياحة الداخلية وما تخللها من انهزامات خلال السنوات الماضية وترميمها في عدة أوجه من تأهيل الموظفين والعاملين في قطاع الفندقة والمطاعم والوسائل الترفيهية وتطويرها وتجديدها ونفض غبار السنين عنها وإزالة ما صدأ منها واستبدالها بشكل لائق وجميل وحديث يوكب سباق المدن والدول على جذب السياح لهم وكسب ثقتهم وضمان استمراريتهم. وجود ضبط حقيقي لأسعار المنتجعات ووسائل الترفيه البرية والبحرية وتفعيل دور لجان المراقبة السياحية وضبط الأسعار فكل ما يطلبه الأمر هو نظرة ثانية ثاقبة من المستثمرين في القطاع السياحي في تطوير الأماكن السياحية وإقامة دورات تدريبة للعاملين في هذا المجال والكوادر السياحية واتساع الطاقة الاستيعابية للجميع خلال أيام السنة عامه والمواسم على وجه الخصوص.