مضى شهر رمضان في لمح البصر. تسابق فيه المسلمون والمسلمات لفعل الطاعات. من صلاة وصيام وصدقة وأذكار ونحوهم. فشاهدنا من هو حريص على أداء صلاة التراويح. وسمعنا بمن يخصص زكاة أمواله ليخرجها فيه. وقرأنا عمن يتصدق للمحتاجين من خلال جهات نظامية ومخصصة لذلك، وغيرها من أعمال الخير في شهر رمضان المبارك. ولكن هل من الممكن أن يخسر المرء حسنات هذه الأعمال في شهر رمضان وغيره من الأشهر؟ وألا نتعظ من سرعة الأيام والأشهر والسنوات والتي تدفعنا لنهاية رحلة حياتنا بخيرها وشرها؟ فكم شخص تسلط بقوته وظلمه على الضعفاء. وكم من شخص قضى معظم أوقاته في بث الفتن بين الناس. وكم من شخص أفسد حياة زوجين وحرم أطفالهما من الاستقرار. وكم من شخص أخذ مال غيره بلا وجه حق ظنًا منه أنه أذكى البشر. وكم من شخص يعتري حديثه الكذب والنفاق. وكم من شخص لسانه بذيء يجرح غيره بألفاظ غير لائقة إلى آخره من الأقوال والأفعال التي لا تُرضي الله تعالى ولا تُرضي رسوله صلى الله عليه وسلم. إن حياة الإنسان معدودة والسنوات تجري كالأشهر والأشهر تركض كالأيام. وسعادة المرء ليست في شتم الناس وتجريحهم أو إفساد حياتهم أو أكل أموالهم بغير حق. بل سعادة المرء في راحة الضمير. ذلك الضمير الذي سيؤيده إن فعل خيرًا. وسيؤنبه ويشقيه إن فعل شرًا. ذلك الضمير الذي يُعد آخر وسيلة لدى الإنسان لضبط وتوجيه حياته لكي تتوافق مع قيم ومعايير المجتمع، في حال لم يؤثر في دينه وتنشئته وأخلاقه. ولنا موعظة وعبرة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:(أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ).