عندما رسمت رؤية المملكة صورة جميلة للبلاد، يطالعها الجميع في 2030، أكد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهندس الرؤية التي ستعتمد على سواعد شبان وفتيات الوطن دون سواهم في ترجمة حزمة الأحلام والطموحات إلى واقع مُعاش، وطالبت بأن يسلك الشباب طرق الابتكار والإبداع في رسم ملامح مستقبلهم، بعيداً عن الوظيفة الروتينية والدوام الممل والراتب الثابت. ومنذ عقود مضت، شغلت البطالة الحكومات المتعاقبة في المملكة، وأعدت عدداً من البرامج والمبادرات، ودعمتها بسلسلة من الإجراءات والأنظمة والقوانين، طمعا في زيادة نسبة السعودة عاماً بعد آخر، ورغم اجتهادات الدولة في هذا الشأن طيلة العقود الماضية، إلا أن نسبة السعودة الحقيقية لم تحظ برضا الدولة نفسها والمواطن أيضاً، إلى أن جاءت الرؤية بقرارات توطين، تعتمد فيها النسبة الكاملة، وليس النسبة المتصاعدة كما كان يحدث في السابق. مع بداية انطلاق الرؤية، لاحظ الجميع انتشار السعوديين في جميع الوظائف، في المكاتب والشركات، وفي المجمعات التجارية ومنافذ البيع ومراكز التسويق خاصة النساء اللائي انتشرن هنا وهناك داخل بيئات العمل، وأثبتن أنفسهن بكل اقتدار، في مشهد يؤكد أن الرجل والمرأة في السعودية قررا المشاركة معاً في رحلة التنمية والازدهار في البلاد. وإذا كان ما سبق، شيء جميل ورائع، فإن حديث ولي العهد عن نوعية الوظائف ورغبة الدولة في الارتقاء بوظائف الموطن، شيء أجمل وأروع، ويبشر بالخير الوفير، ومعها بموجة جديدة من الرفاهية التي تخطط لها البلاد للمواطن، وفي اعتقادي، لأول مرة يتحدث مسؤول كبير في الدولة عن نوعية الوظائف، وليس عددها. فعندما يقسم ولي العهد الوظائف إلى نوعين؛ سيئة تكفي بالكاد احتياجات المواطن الأساسية، وأخرى جيدة تكفي الاحتياجات ومعها القدرة على الترفيه والإدخار والسفر، فهذا يعني أن الدولة تتابع عن كثب ظروف المواطن ووضعه المادي والعملي، وتحرص على تعديل هذا الوضع، في إطار الارتقاء بإمكانات المواطن وقدراته المادية من بوابة وظيفته، ليكون قادراً على تحقيق كل ما يحلم به له ولأفراد أسرته. حديث ولي العهد عن نوعية الوظائف، ورغبة الدولة في تحسينها، جاء في وقت حساس تعيشه المملكة والعالم بسبب جائحة كورونا، بعد تنامي عدد الإصابات وانتشار الوباء في معظم أصقاع الأرض، وهذا يبعث برسالة مهمة، وهي أن برامج رؤية 2030 تسير في طريقها المعهود، ووفق جدولها الزمني الموضوع سابقاً، دون تعطيل أو حتى تأجيل، في الوقت نفسه التي تواجه فيه مؤسسات الدولة الجائحة بكل مثالية وحكمة كما عهدنا، ما يعني أن المملكة مُصرة على تحقيق كل متطلبات شعبها في أسرع وقت، مدركة أن تنمية البلاد وازدهارها يزيد من قدرتها على مواجهة الجائحة، والعكس صحيح. أكرر تفاؤلي بالرؤية وبما يمكن أن تحققه للوطن والمواطن، ومتفائل أكثر بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمراحل تنفيذ هذه الرؤية بهذه السرعة والحيوية، وهذا التفاؤل يؤكد لنا جميعا أن المملكة تسير في الطريق الصحيحة على كل الصعد.