قبل أشهر، وعندما بدأت تظهر أخبار الأعمال الدرامية التي ستعرض خلال شهر رمضان المبارك، وأنا أتقصى أخبار هذه المسلسلات بدقة، أبحث فيها عن شيء معين، عن عمل كنت أنتظره وأتوقعه، عمل يستطيع أن يجسد معنى مقولة "الفن في خدمة المجتمع"، عمل عن جائحة كوفيد-19، ولكن للأسف لم أجد..! وهنا لا أستطيع إلا أن أعبر عن عميق اندهاشي من غياب مثل ذلك العمل، فالعالم يمر بجائحة لم يشهد لها مثيلاً منذ قرابة مئة عام، أي أن كل الأحياء حالياً من سكان الأرض - تقريباً - لم يشاهدوا أياما مثل التي نعيشها الآن، أيام توقفت فيها كل مظاهر الحياة تقريباً في كل بلدان العالم بلا استثناء، أيام أعادت تشكيل حياتنا وعاداتنا وغيرت من نظرتنا إلى كل شيء، وبالرغم من ذلك، لا نجد صدى لهذه الجائحة في دراما رمضان بشكل واضح. فكم يقدر حجم المبالغ التي صرفت على برامج التوعية بخطورة فيروس كوفيد-19 والالتزام بالإجراءات الاحترازية لمنع انتقال العدوى والمساعدة على وقف انتشار الفيروس والقضاء عليه..؟ لو حسبنا هذه المبلغ بالنسبة للدول العربية فقط، لوجدناها تقدر بمليارات الدولارات بلا أدنى شك، ولكن مسلسلاً دراميا واحداً كان يمكن أن يكون له تأثير أكبر وأنجح وأقوى على ملايين الناس، لو أننا أنتجناه بشكل صحيح وقدمنا من خلاله رسالة التوعية في شكل درامي قوي، إلا أن ذلك لم يحدث. مع العلم، أن مسلسلاً كهذا لا أظنه سيكون مملاً أو رتيباً كما قد يظن البعض كونه سيركز على التوعية بخطورة الجائحة، بالعكس، فإن الظروف التي نعيشها الآن والتي لم تكن تخطر على بال أكثر المتشائمين قبل عامين، تظهر لنا حجم الخيال والصدمة والتشويق والإثارة التي يمكن أن يحظى بها عمل يتناول الجائحة بشكل مجتمعي علمي مفيد دون أن يقع في فخ الرتابة أو الإرشاد والتوجيه المباشر. والحق أنني صادفت عملاً بدأت إذاعته مؤخراً يحمل اسماً قريباً من اسم الجائحة الحالية ويقدم أزمة خيالية لوباء فتاك انتشر في العالم، إلا أنني لم أشعر بأن هذا هو العمل الذي نحتاجه في هذا التوقيت، إن العمل لا يقدم لنا انعكاساً للجائحة الحالية أو يحذر من خطورة ما نحن مقبلين عليه، ولكن من وجهة نظري هو فقط يحاول الاستفادة من الزخم الحالي حول فكرة الفيروسات والأوبئة ويقدم عملاً إثارياً مأخوذاً من عدة أفلام أجنبية..! لا أخفي أني ما زالت أحلم بظهور عمل قوي كبير، يعالج الجائحة ويتفاعل معها ويقدم للمشاهد السعودي والعربي التوعية التي ينتظرها في قالب درامي استثنائي يغنينا عن ملايين الرسائل المباشرة التي لم تعد تقنع الكثيرين للأسف.