"لقد اخترت الشخص الخطأ"، عبارة استوقفتني كثيرا وأخذت حيزا كبيرا من المعاني المتفاوتة في ذهني عندما سمعتها بشكل عابر عند مشاهدتي لبطل فيلم ينهار أمام اختياره الخاطئ في تعامله مع شخص استضعفه وتعالى عليه. هنا قد يتبادر في ذهن البعض أن اختيار الشخص الخطأ قائم على معنى اختيار شريك الحياة الذي يكمل معك طريقك هو الاختيار الخاطئ، أو آخر قد نظنه صديقا صدوقا ويصبح عدوا لدودا لا يرتبط بالصداقة في أي من معانيها. ولكن رغم تشابه التوارد في المعاني إلا إنني أعني هنا شخصا قد وقع عليه الاختيار أو شاءت الأقدار على حتمية التعامل اللفظي أو الشخصي وحتى التعامل العابر معه قد يكون سببا في حط رحالك في محطتك الأخيرة في الحياة أو حتى في الطموح أو الأمل، فتواجهك معه بشكل خاطئ وغير مدروس قد يغير مسار مخططاتك وتوجهاتك، ويمسح النقاط من على الحروف، فتتيه أفكارك وتختلف عليك الأمور، فيصبح كالموجة الهائجة التي قد تسحبك معها إلى أعماق المجهول وتغرق أنت وأحلامك بعيدا عن شاطئ الأمان. كل هذا قد يحدث بسبب تعاطيك معه بشكل خاطئ واستخفاف البعض بقدرته أو سطوته من أمامهم وبما أنه قد يخفي قوة أو بركانا داخله لا يعكسه مظهره الهادئ المهذب أمامك وينطلي عليه لون آخر من الهدوء الكامن يستثيره من يتعدى على حدوده التي رسمها بنفسه لنفسه بشكل قد يكون عادل وآخر قد يكون جائرا. هنا علينا أن نرسم حدودا لنا لا تتعدى على حدود الآخرين، وأن لا نتجاوز حدودا قد رسموها لأنفسهم فنلقى ما لا نتوقعه أحيانا من ردود الأفعال التي قد تكون عنيفة وخطيرة في كثير من الأحيان، ونتجاوب مع الرسائل التي تظهر لنا جلية وواضحة عند بداية عصف رياح الخطر والتي قد يتجاهلها البعض إما استعلاء أو جهلاً، أو حتى عدم اكتراث، والتي قد تكون سببا يدفع لها عمرا أو يدفع عمره لها. وفي مُعلقة عمرو بن كلثوم الشهيرة والتي تحمل في ثناياها معاني للشخص الذي قد يقع عليه اختيار خاطئ عندما أقدم عمرو بن هند على اختيار الشخص الخاطئ والذي أنهى به حياته، فكتب في مطلعها: ألاَ لاَ يَجْهَلْنَ أَحَدٌ عَلَيْنا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينا