عندما أطلقت المملكة أمس الاثنين القمر الصناعي السعودي السابع عشر "شاهين سات" من قاعدة بايكونور في جمهورية كازاخستان على متن الصاروخ الروسي "Soyouz2 " الذي وصل إلى مداره، أثبت ذلك أن المملكة تسير في الطريق الصحيح لتحقيق رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، بأن تكون المملكة مُمكنة في عالم الفضاء وتوطين صناعة الصواريخ، بعد أن احتلت مراكز متقدمة في الاتصالات وتقنية المعلومات على مستوى دول مجموعة العشرين، حيث يعد المجال الفضائي حالياً من أهم المجالات التي تضمنتها رؤية 2030، من خلال تدشين برنامج "فضائي سعودي". ويتعاظم دور الأقمار الصناعية يوماً بعد يوم، في خدمة المشروعات التنموية التي تنتهجها أي دولة، فليست هذه الأقمار للوجاهة السياسية أو الاقتصادية، وتعمل الأقمار السعودية التي تم إطلاقها في وقت سابق على خدمة قطاع الاتصالات الفضائية الحديثة المتعددة التي تشمل اتصالات النطاق العريض والاتصالات العسكرية الآمنة، وتوفير الاتصالات للمناطق شبه النائية والمناطق المنكوبة لاستخدامها في شتى مجالات التنمية المستدامة مثل: تطبيقات اتصالات النطاق العريض عالي السرعة، والاتصالات الآمنة للجهات الحكومية، وسيتم تشغيل وإدارة القمر من خلال محطات تحكم أرضية متطورة في المملكة. وأصبحت المملكة الأولى في متوسط سرعات الجيل الخامس، والرابع عالمياً في شبكات الجيل الخامس، ومن الدول العشر في العالم في سرعة الإنترنت المتنقل، وترتيب المملكة قبل ثلاث سنوات كان 105 وانتقلنا إلى المرتبة السابعة حالياً، حيث يصل حجم سوق إنترنت الأشياء إلى 11.6 مليار ريال بحلول العام 2023 والذي سيمكن كثيراً من القطاعات من استخدام التقنية الحوسبة السحابية. والقمر الذي تم إطلاقه "شاهين سات" تتمثل مهمته بالتصوير الأرضي بدقة فائقة وتتبع السفن البحرية عبر توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة. وقد عملت المملكة جهدا مضاعفا منذ تأسيس هيئة الفضاء السعودية الذي يترأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، كأول عربي يسافر إلى الفضاء في عام 1985، وجاء ذلك التأسيس تتويجاً لجهود المملكة في مجال الفضاء منذ تأسيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. وكانت المملكة حريصة على الخوض في صناعة الأقمار الصناعية، حيث نجحت خلال العقد الماضي بتصميم وتصنيع ستة 16 قمراً صناعياً بواسطة قدرات وطنية ذات كفاءة عالية، وأنشأت مركز تميز في أبحاث القمر والأجرام القريبة من الأرض مع وكالة ناسا الفضائية، ومركز تميز لأبحاث الفضاء والطيران المشترك مع جامعة ستانفورد الأميركية، كل ذلك بهدف تعزيز مستوى التعليم العالي في علوم الفضاء والطيران والبرامج التدريبية في المملكة، وتنمية الموارد والاهتمام بقطاع الطيران والفضاء. وكان للمملكة مساهمات مؤثرة للمرأة السعودية في مجال صناعة الفضاء، حيث تعمل أكثر 35 موظفة حالياً في المركز الوطني لتقنية الأقمار الصناعية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في عدة مجالات، مثل هندسة البصريات، والدعم الهندسي من خلال (دورة حياة المنتج)، وتطوير أنظمة معالجة الصور وأنظمة تخطيط مهام القمر. فيما وقعت المملكة اتفاقية تعاون ثنائي مع كازاخستان هدفت إلى تبادل المنافع والتعاون في مجالات بحوث الفضاء والاستشعار عن بعد واتصالات الأقمار الصناعية واستكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية. وقد وقعت المملكة أيضا اتفاقية تعاون بين الشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني "تقنية" والصندوق الروسي للاستثمارات، وذلك لتنظيم خدمات الإطلاق التجاري للمركبات الفضائية الصغيرة، ويهدف التعاون إلى تطوير تقنيات الفضاء، والاستثمار في قطاع الفضاء بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، وتترجم اتفاقية التعاون على ثلاث مستويات: تنسيق الجهود المشتركة في الإعداد والاستثمار في تطوير تقنيات لإطلاق المركبات الفضائية الصغيرة في مدارات أرضية منخفضة، والاستفادة من ذلك في الأغراض التجارية المحتملة، حيث سيتم استخدامها لإطلاق الأقمار الصناعية الصغيرة التابعة للبلدين، وتطوير التعاون في مجال الأبحاث والإنتاج بين المتخصصين السعوديين والروس.