سجّل مؤشر أسعار المستهلك لشهر فبراير استقرارا نسبيا على أساس شهري، حيث انخفض 0.1 % مقارنة مع شهر يناير 2021، وفي المقابل ارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك "معدل التضخم" بالمملكة بنسبة 5.2 % خلال شهر فبراير 2021 على أساس سنوي. وقالت الهيئة العامة للإحصاء، في تقريرها الصادر أمس: إنه يلاحظ أن مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك لايزال يعكس زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5 % إلى 15 % والتي بدأ تطبيقها في شهر يوليو من العام 2020. وتأثر معدل التضخم بالمملكة في الشهر الماضي، بزيادة أسعار الأغذية والمشروبات بنسبة 11.2 %، وأسعار النقل بنحو 9.8 %. وارتفعت أسعار الأغذية نتيجة زيادة أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 14.1 %، وأسعار الخضروات بنحو 10.8 %، وتأثرت قسم النقل بارتفاع أسعار شراء المركبات 9.9 %، وسجل قسم التبغ ارتفاعا نسبته 13.2 %، متأثرا بارتفاع أسعار السجائر بنحو 13.5 %، وزاد قسم الاتصالات بنسبة 13.2 %، مع ارتفاع أسعار خدمات الهاتف والفاكس بنسبة 15.4 %. وفي المقابل، تراجعت الأسعار بقسم التعليم بنسبة 9.5 %؛ متأثرا بانخفاضات أسعار التعليم ما قبل الابتدائي والابتدائي بنسبة 14 %، والتعليم المتوسط والثانوي 12.2 %، وكذلك قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى بنحو 2.6 %؛ متأثرا بانخفاض إيجارات السكن ب 3.7 %. وأعلنت الهيئة ارتفاع مؤشر الرقم القياسي لأسعار الجملة 7.3 % خلال شهر فبراير 2021، مقارنة بالشهر نفسه من العام 2020. وأوضحت أن ارتفاع معدل التضخم بأسعار الجملة جاء بسبب ارتفاع أسعار المنتجات المعدنية والآلات والمعدات بنسبة 14.9 %، نظراً لثقلها في المؤشر، بالإضافة إلى التأثير العام لرفع ضريبة القيمة المضافة، علما أن انخفاض أسعار السلع الأخرى القابلة للنقل بنسبة 1.9 % مقارنة بمستوياتها في فبراير 2020، أحد أهم العوامل التي قللت من تضخم أسعار الجملة. كما لفتت إلى أن أسعار المنتجات المعدنية والآلات والمعدات، سجلت أكبر زيادة في أسعار الجملة في الشهر الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار الفلزات القاعدية 23.7 %، إلى جانب ارتفاع أسعار معدات النقل نحو 12.3 % على أساس سنوي. وقالت: إن أسعار المنتجات الغذائية والمشروبات والتبغ والمنسوجات سجلت ارتفاعا نسبته 107 % نتيجة ارتفاع أسعار اللحوم والأسماك والفواكه والخضروات والزيوت والدهون 14%. وسجلت أسعار المنتجات الزراعية وصيد الأسماك ارتفاعا نسبته 13.2 %، في ظل ارتفاع أسعار الحيوانات الحية والمنتجات الحيوانية بنسبة 26.7 %، مقارنة بالشهر المماثل من العام الماضي. وعلى أساس شهري، ارتفع مؤشر أسعار الجملة بالسعودية نحو 1.5 % خلال فبراير 2021 مقارنة بالشهر السابق، متأثراً بشكل أساسي بارتفاع أسعار السلع الأخرى القابلة للنقل نحو 3.3 %، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار المنتجات النفطية المكررة بنسبة 6.3 %. ويعكس مؤشر أسعار الجملة تحركات أسعار السلع في مرحلة ما قبل البيع بالتجزئة لسلة ثابتة من السلع تتكون من 343 بندًا، ُتجمع أسعارها بشكل شهري من 3 مدن رئيسة هي: (الرياض – جدة – الدمام). وفي هذا الاتجاه قال الاقتصادي د. عقيل بن كدسة: "يعتبر ارتفاع معدل التضخم في أي سوق عالمي جهاز إنذار لما قد يحصل في السوق من ارتفاع في الأسعار وانخفاض في الاستهلاك، وبالتالي انحدار في الاقتصاد العام، وحيث أن التضخم جزء أساسي من أي اقتصاد فهو شيء لا بد من حدوثه، ولكن نسبة ارتفاعه هي ما تحدد الخطر الذي قد يحيط بهذا الاقتصاد". وبين بن كدسة، ارتفاع معدل التضخم في المملكة لشهر فبراير من هذا العام بنسبة 5.2 % ماهو إلا رد فعل طبيعي للوضع الاقتصادي العالمي وكذلك المحلي، على الرغم من أن كثيرا من دول العالم بدأت في تخفيف الإجراءات الاحترازية للوقاية من كورونا، إلا أن تكاليف الإنتاج هُناك مازالت مرتفعة، وبالتالي فإن تأثُّر الاقتصاد السعودي بهذه الارتفاعات منطقي جدًا، نظرًا لقوّة ارتباط الاقتصاد السعودي ببقية الاقتصادات العالمية. ولفت بن كدسة بقوله "في ظل الارتفاعات التي شهدتها أسعار النفط فإن ارتفاع التكاليف على المُصدرين للسعودية هو رد فعل منطقي، وبالتالي فإن السوق السعودي يتأثر بذلك أيضًا، وكذلك في ظل استقرار الاستهلاك العام في السعودية واستمرار الطلب على معظم القطاعات، فإن الارتفاعات الطفيفة في بعضها يُعد أمرا منطقي، ويجب أن نذكر أن هذه الارتفاعات ماهي إلا في بعض القطاعات، كما أن بعضها الآخر قد يتعرض لانخفاضات في معدل الاستهلاك، وهذا ما يساهم في إبقاء معدل التضخم في حدود المنطق، وفي حدود النسب الصحيّة للسوق". من جهته أكد الاقتصادي د. فيصل بن سبعان على أن عامل التخضّم يصاحب اقتصادات العالم أجمع، ولا شك أنه يؤثر سلباً على حركة النمو الاقتصادي، و"التضخم" الاقتصادي له عوامل عدة، ومن أهمها ارتفاع أسعار بعض السلع الاستهلاكية، والذي بدوره يؤثر على نظيراته من السلع الأخرى. ونوه بن سبعان بقوله: "رفعت المملكة ضريبة القيمة المضافة من 5 % إلى 15 % شهر يوليو من العام 2020، وذلك لمواكبة الآثار الاقتصادية المصاحبة لجائحة كورونا، فزيادة القيمة المضافة أدى إلى ارتفاع ملحوظ لبعض السلع الاستهلاكية، والذي بدوره أدى إلى تغيير في سلوك المستهلك في المملكة، فلا شك وأن التخضم يشكّل سلسلة اقتصادية دورية تؤثر كلٍ منها على الآخر وبالتالي تزداد أسعار المنتجات تباعاً مما يجبر المستهلك على الاستغناء أو الاكتفاء ببعض المنتجات عن غيرها لعدم وجود الموازنة المالية الكافية لديه".