يحق للمرأة السعودية أن تفخر اليوم بقائمة الإنجازات التي تحققت في ظل حراك إصلاحي واعد وجريء، أعطى انطلاقته خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، إنجازات تحتفي بالمرأة وعطائها في مسيرة التنمية، وتحديث المجتمع. قديما أحس الرجل بأن المرأة كائن مختلف تشترك معه في خصائصه الإنسانية لكن يُميز حضورها جانب أمومي، يحيل على الخصب والعطاء. هذا التميز قاده لأن يهابها بداية ثم يقدسها، فشهدت الحضارات القديمة معبودات تحت اسم: عشتار وفينوس وإيزيس، كما لمعت أسماء في مجال القيادة كبلقيس وزنوبيا، أدرْن دفة الحكم باقتدار، وخلّدن حضورا ملهما. ثم جرت الوقائع بشكل عزز هيمنة الذكور على مرافق الحياة، فانطفأ حضور المرأة، وصارت قطعة من أثاث البيت. لكنها اليوم تستعيد الزمام، وتؤكد أن مشاريع الإصلاح والتغيير لن تتحقق بمعزل عن تمكين المرأة، وتجديد النظر في النظم والقوانين بما يتناسب مع مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص. ونحن نشارك المرأة السعودية احتفالية الثامن من مارس، نستحضر تجليات النقلة الهائلة التي أحدثتها رؤية 2030، في الرفع من مشاركتها في القوى العاملة. نقلةٌ عبّرت من خلالها المملكة عن تجاوبها مع المتغيرات العالمية، وحاجتها للتحول مع اقتصاد قائم على الإيرادات النفطية، لتنخرط في مسيرة تنموية، يشارك فيها عموم المواطنين دون تمييز. نص البيان الرسمي لرؤية 2030 على أن تمكين المرأة عنصر مهم من عناصر قوتنا، بدءاً بمجال التعليم وما أعقبه تبدل حيوي في السياسات الاجتماعية والاقتصادية، ومعالجة القوانين بما يكفل لها المشاركة في التنمية وصُنع القرار. وفي يومها العالمي يحق لنا أن نفتخر بحائط بطولاتها، ومظاهر التتويج والثقة في أدائها. هي اليوم تقتحم عالم الدبلوماسية من بابه الواسع، وتخُط بمداد الاعتزاز اسم بلادها في ميادين العلوم والابتكار، إضافة إلى خدمة قضايا المرأة واحتياجاتها، وتتوج مسارها في المشهد التعليمي، فتتضاعف نسبة مشاركتها في سوق العمل من 17 % إلى 31 %. آلاف السعوديات حجزن مقاعدهن في قطار التنمية، وأظهرن للعالم أن المرأة التي تهز مهد صغيرها باليُمنى قادرة على أن تهز العالم باليسرى كما قال نابليون. رغم أن في فرص التنمية متسعا للجميع، يُصر البعض على تجريد المرأة من شخصيتها الاعتبارية المستقلة، إما باسم الشرف وثقافة العيب تارة، أو بادعاء الخوف على كيان الأسرة من الهدم والتغريب تارة أخرى. ويحق للمرأة السعودية في يومها العالمي أن تُسقط تلك الأوهام، وتتصدى لأي خطاب يسعى لتهميش فاعليتها. فمبدأ التكريم الذي خص الله تعالى به الإنسان لم يميز بين ذكر وأنثى في حمل رسالة الإعمار والتعايش، إن ما يضير البعض حقيقة هو أن تخرج المرأة من شرنقة العزل والإقصاء، لتحيا في بيئة آمنة، تُحفز ملكاتها. تحية للمرأة السعودية في يومها العالمي، وتحية لإصرارها الجميل على المُضي بخطى واثقة في درب التمكين.