بعد دعوته من بغداد الى الاستماع إلى "من يصنع السلام"، التقى البابا فرنسيس السبت في اليوم الثاني من زيارته الى العراق، في النجف المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي أعلن "اهتمامه" ب"أمن وسلام" المسيحيين العراقيين. وبعد النجف التي شكّل اللقاء فيها مع السيستاني أبرز محطات زيارة فرنسيس، حطّ البابا فرنسيس في أور، الموقع الرمزي من الناحية الروحية، حيث ندد في خطاب ب"الإرهاب الذي يسيء إلى الدين". وقال فرنسيس في خطابه الذي سبق صلاةً مع ممثلين عن الشيعة والأيزيديين والصابئة والكاكائيين والزرداشتيين: "لا يصدر العداء والتطرف والعنف من نفس متدينة: بل هذه كلها خيانة للدين". وأضاف "لا يمكن أن نصمت عندما يسيء الإرهاب للدين. بل واجب علينا إزالة سوء الفهم". وشكّلت زيارة أور، الموقع الأثري في جنوبالعراق الذي يعتقد أنه مكان مولد النبي ابراهيم، حلماً للبابا الأسبق يوحنا بولس الثاني في عام 2000، قبل أن يمنع الرئيس حينها صدام حسين الزيارة. أمن وسلام قبل ذلك، التقى فرنسيس المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني الذي يعدّ أعلى سلطة للشيعة. وفي اللقاء المغلق الذي دام نحو ساعة، أكّد السيستاني على "اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام"، بحسب بيان صدر عن مكتبه بعد الاجتماع. وشدّد السيستاني على ضرورة أن يتمتع المسيحيون "بكامل حقوقهم الدستورية". وبحسب بيان صادر عن الفاتيكان، كان اللقاء "فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى السيستاني لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعا عن الأضعف والأكثر اضطهادا". ومنذ وصوله الجمعة إلى بغداد، تطرق البابا إلى كل المواضيع الحساسة والقضايا التي يعاني منها العراق وليس المسيحيين فقط. وقال خلال لقائه الرئيس برهم صالح: "لتصمت الأسلحة! ولنضع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان!". وقال فرنسيس: "السلام ليس فيه غالبون ومغلوبون، بل إخوة وأخوات، يسيرون من الصراع إلى الوحدة"، مضيفاً "لنصلّ ولنطلب هذا السلام لكلّ الشرق الأوسط". كما دعا من أور إلى "احترام حرية الضمير والحرية الدينية والاعتراف بها في كل مكان"، مضيفاً "إنها حقوق أساسية، لأنها تجعل الإنسان حراً للتأمل". وتعتبر الزيارة لفتة قوية تدعو للتعايش السلمي في أرض عصفت بها الطائفية والعنف. وهي المرة الأولى التي يلتقي فيها بابا للفاتيكان بمرجع شيعي. وسبق أن زار فرنسيس دول تركيا والأردن ومصر وبنغلادش وأذربيجان والإمارات والأراضي الفلسطينية ودعا خلال هذه الزيارات إلى الحوار بين الأديان. والسيستاني أحد أهم الشخصيات في المذهب الشيعي في العراق. ونادرا ما يظهر السيستاني في العلن أو يعقد الاجتماعات. ورفض إجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي الحالي ورؤساء وزراء سابقين حسبما قال مسؤولون مقربون منه. وقال مصدر في مكتب الرئيس إن السيستاني وافق على لقاء البابا بشرط ألا يحضر أي مسؤول عراقي الاجتماع. وبدأ البابا زيارته للعراق الجمعة وسط إجراءات أمنية صارمة. ونشر العراق آلافا من أفراد قوات الأمن. ولا تزال العراق مسرحا لتصفية حسابات دولية وإقليمية. السلام الحقيقي ينتظر ترجمته على أرض الواقع (أ ف ب)