استطاعت المرأة السعودية اليوم أن تجعل العالم يقف صامتاً بإعجاب أمامها، لحضورها اللامع محلياً وإقليمياً ودولياً، وهذا الحضور ليس بالمُفاجئ بل هو حضور طبيعي موجود منذ أعوام طويلة وبقوة على المستوى المجتمعي. وأولت حكومة المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- اهتماماً كبيراً بالمرأة من حيث تعليمها وتمكينها ودعمها، وإتاحة فرص العمل في العديد من الجهات المختلفة، لتكون عنصراً فعّالاً في جميع القطاعات وبما يتناسب مع مكانتها الاجتماعية ومؤهلاتها العلمية، فإيمان الحكومة الرشيدة بالمرأة السعودية وقيمتها ودورها كشريك فعّال في تنمية الوطن أسوةً بالرجل هو إيمان مترسخ منذ عهد المؤسس -رحمه الله- والذي توارثه أبناؤه من بعده. فوجود المرأة الفعّال عبر التاريخ السعودي حاضر، وكان يتطور وينضج مع الأيام مع مسارات التنمية الاجتماعية والعلمية والثقافية والأمنية وغيرها من المجالات التي شهدناها، فتمكين المرأة ليس اعتراف بوجود كينونتها فقط بل هو أيضاً أساس في اكتمال إصلاح المجتمعات، وهذا ما فطنت إليه رؤية 2030 التي نقلتها إلى أُفق جديدة من التمكين بضمان تلك الرؤية، التي أسست للمرأة عهداً يؤمن بدورها ليس على مستوى المشاركة فقط بل على صناعة فعل التغيير وخطابه. مكاسب وحقوق وما يحدث اليوم للمرأة السعودية امتداد لما شهدته المملكة من تحولات منذ أكثر من أربعة أعوام تقريباً فيما يتعلق بمهن النساء وعملهن في ميادين الحياة العامة، إذ تخطى أمر التمكين اشتغال المرأة في القطاع المدني إلى القطاع العسكري، والتي نجحت فيه السعودية باختراقها لجدار العزلة واقتحامها للعمل السياسي، حيث إنها حصلت على مكاسب وحقوق سياسية غير مسبوقة، فدخلت المجال الدبلوماسي بوزارة الخارجية ونجاحها في الوصول إلى مناصب قيادية دبلوماسية، فاستطاعت المرأة أن تكسر الصورة النمطية عنها التي رُسمت لعقود وأجيال وموروثات اجتماعية، فقد دخلت مختلف المجالات ولم تُعِقها الصعوبات حتى في الميادين التي توصف بأنها احتكار للرجل، ومنها الوظائف الدبلوماسية والعدلية والعسكرية والنيابية، حيث إنها لم تكُن حديثة العهد بالعمل في السلك العسكري، بل بدأت نشاطها فيه وأقسامه المختلفة منذ ما يزيد على 20 عاماً تحت رعاية وزارة الداخلية، لكن شهد عملها في القطاعات العسكرية تطوراً ملحوظاً بانطلاق رؤية المملكة التي حرصت على تمكينها ورفع مشاركتها في قوة العمل. مزيد من الفرص وعلى الرغم من صدور القرار بالسماح للمرأة السعودية في الالتحاق بالعمل في السلك العسكري الصادر في مارس 2018م، والذي يعد الأول من نوعه في تاريخ المملكة، إلاّ أن حضورها في العمل العسكري كان موجوداً منذ أعوام، ولكن في نطاقات ضيقة وبشكل غير مباشر، مثل المهام التمريضية، والإدارية كالجوازات في المطارات، وإدارة سجون النساء، وبعض المنشآت الأخرى، وبعد ما أثبتت المرأة السعودية نجاحها وتميزها في مختلف المجالات والقطاعات، جعل ذلك دافعاً لولاة الأمر لإعطائها المزيد من الفرص وفتح العديد من المجالات لها، فانخرطت في العمل برتب عسكرية في أجهزة الأمن العام مثل مكافحة المخدرات، وأقسام السجون، وأقسام النيابة العامة كالتحري والتحقيق، وكذلك عملهن في الجمارك والذي يحتاج إلى نقاط تفتيش نسائية، وكذلك العمل في الحراسات الأمنية في كثير من الأسواق والمستشفيات الحكومية والأهلية؛ للعمل في خدمة النساء والحد من الجرائم التي تكون أطرافها نساء، وأيضاً خوضهن في إدارة المرور بعد السماح بقيادة المرأة السيارة، حيث بات وجودها في القطاع ضرورياً. والتحق عدد من السعوديات بالقسم النسائي في المركز الوطني للعمليات الموحد منذ تدشينه عام 2017م، كما شجعت إدارة الدفاع المدني المرأة السعودية على الالتحاق به، ويقتصر عملها حالياً على التفتيش والسلامة والكشف على المواقع والتجمعات النسائية سواء في مؤسسات تجارية أو غيرها، كما تجد المرأة السعودية بدورها الفعّال في أجهزة الشرطة، حيث تباشر البلاغات التي ترد إليها. عنصر رئيس وتستمر المجالات الأمنية كافة بفتح أوسع أبوابها دعماً للمرأة؛ لتكون عنصراً وشريكاً رئيساً في هذا القطاع، أسوة بشريكها الرجل طالما أنها مؤهلة بالمعرفة والخبرات، حيث استحدثت مجالات جديدة أمامها في قطاع الداخلية، كمجال المرور وأمن الطرق ودوريات الأمن وشرطة المناطق وأمن الحج والعمرة، والأسلحة والمتفجرات، وكذلك التوجيه الفكري والمعنوي، لتنظم بجانب شريكها في مجال الحرس الملكي، ثم تأتي وزارة الدفاع فاتحة أبوابها مُرحبةً بانضمام المرأة السعودية في قطاعات القوات المسلحة بفروعها الأربعة البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي، وأيضاً الصواريخ الاستراتيجية والخدمات الطبية للقوات المسلحة، لتكون الخطوة الأولى من نوعها في المملكة برتب عسكرية وتجنيدها في الجيش السعودي. إن دخول المرأة السعودية لمناطق عمل جديدة أمر طبيعي؛ لأنه امتداداً لرؤية وطنية تؤكد أن المرأة والرجل على حد سواء، والمعيار الكفاءة وليس النوع، فدخولها في أهم وزارة سيادية في المملكة هي خطوة متقدمة بالاتجاه الصحيح لتحقيق أهداف المملكة، فمشاركتها في معظم الوزارة سيجعل المرأة السعودية عنصراً فاعلاً بها، فقد أثبتت المرأة السعودية أنها قادرة ليس في مجال التعليم وغيرها من المجالات الطبية والإدارية فقط بل إنها قادرة وبجدارة على القيام بالعمل الأمني بكفاءة واحترافية. التدريب على السلاح نجاح السعوديات في الدفاع المدني متدربات في كلية الملك فهد الأمنية السعوديات دخلن قطاع الجوازات منذ وقت مبكر